تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العالم الأديب الدكتور عبد الله عباس الندويّ رحمه الله

ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[06 - 04 - 06, 07:21 ص]ـ

العالم الأديب الدكتور عبد الله عباس الندويّ رحمه الله

1344 - 1426هـ = 1925 - 2006م

بعدما بَرَّحَ به المرضُ طويلاً انتقل إلى رحمة الله تعالى في الساعة الثانية عشرة والدقيقة العاشرة ظهرًا من يوم الأحد 1/من يناير 2006م الموافق غرة ذي الحجة 1426هـ بالتقويم السعوديّ و 29/ذوالقعدة 1426هـ بالتقويم الهندي، العالم والأديب الهندي السعودي الشيخ الدكتور عبد الله عباس الندوي رحمه الله. وذلك بمستشفى بمدينة "جدة" وعن عمر يناهز 82 عامًا بالتقويم الهجري و 81عامًا بالتقويم الميلادي؛ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

وقد صُلِّيَ عليه بالحرم المكي بعد صلاة العشاء مباشرةً في الليلة المتخلّلة بين الأحد والإثنين: 1 - 2/يناير 2006م الموافق 1 - 2/ من ذي الحجة 1426هـ بالتقويم السعودي. وحَضَرَ الصلاة عليه مئات آلاف من المصلين بالحرم، الذين جاؤوا من كل فجّ عميق وأنحاء العالم كله ليؤدوا شعيرة الحجّ رَابع أركان الإسلام؛ فقد كانت أيام أداء الحج قد حانت. ثم وُرِّي جثمانُه بجنّة المعلاة – المقبرة الشهيرة بمكة المكرمة، التي تحتضن قبور كثير من الصحابة والصحابيات والتابعين والصالحين وعلى رأسهم أمّ المؤمنين سيدتنا خديجة رضي الله عنها.

قد كان الفقيد الغالي رحمه الله كثيرَ التردّد إلى الهند لكونه مديرًا للشؤون التعليمية بدارالعلوم ندوة العلماء بمدينة "لكهنؤ" فكان عسى أن تستأثر به رحمةُ الله وهو مُتَوَاجِدٌ بالهند ولاسيّما خلال إقامته الطويلة بها؛ ولكن الله كان قد قدّر له الموت في أقدس مكان بوجه الأرض وهو الحرم المكي وما جاوره من الأمكنة والحرم المدني وما جاوره من الأمكنة، فتوفّاه الله بجدة – وهي على مسافة غير بعيدة من مكة المكرمة وامتدادٌ طبيعيّ لأراضيها المباركة ومدينةٌ من مُدُن الحجاز –. وصُلِّي عليه بالمسجد الحرام ودُفِنَ بمكة بجوار الصحابة والتابعين وكبار الأولياء والصالحين. ممّا يدلّ على أنّه تعالى شاء أن يتغمّده برحمته الخاصّة ويشمله بنعمته الواسعة، وأنّه تعالى – وهو أعلم بالسرّ والأخفى – تَقَبَّلَ حركاته وسكناته الخيريّة في هذه الدنيا من التعلّم والدراسة، والتدريس والتعليم، والكتابة والتأليف، والدعوة والتبليغ، والجولات والتنقلات، وحبّه للنبي – صلى الله عليه وسلم وصحابتِه – رضي الله عنهم – وبلادِ الإسلام، ومهدِ الدعوة، ومولدِ الرسالة، ومبعثِ الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقد بدا بتاشيرُ تقبّله تعالى لحبّه البالغ لهذه البقاع الطاهرة إذ مُنِحَ الجنسيّة السعوديّة ليختار مسكنَه بجوار البيت العتيق، فيصبح من سكان البلد الأمين، ومن قبلُ إذ هَيَّأ تعالى السببَ لنزوله وإقامته بالسعوديّة وعمله بها طويلاً متقلِّبًا بين أعمال شتى ومناصب عديدة.

إنّي لا إِخَالُ إلاّ أنّه تعالى أراد – وهو أعلم بمشيئته – أن يحاسبه حسابًا يسيرًا يومَ الدين، فَمَهَّدَ له الطريقَ لسكنى جوار بيته حيًّا ومَيّتًا. وكم من مسلم؛ بل كم من مسلم صالح، يموت حيثما يشاء الله مُتَمنِّيًا الموت ليوم الموت بل لحظته بمكة أو المدينة ويدفن بإحداهما، فلا تُقَدَّر له هذه السعادة، ولا يحظى بهذا الشرف الرفيع؛ لأنّه لايناله المرأ بجهده ورغبته، وإنما هي سعادةٌ ينالها المسلم بتقدير العزيز العليم. وقد صَدَقَ تعالى إذ قال:

"وَمَا تَدْرِيْ نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوْتُ" (لقمان/34)

لقد كان الشيخ عبد الله عباس النّدوي من العلماء والباحثين المسلمين الذين يجمعون بين التضلّع من علوم الشريعة وبين التعمق في اللغة العربية واللغة الأرديّة. وكان أديبًا مطبوعًا بمعنى الكلمة، لايَخُطُّ كلمةً إلاّ فصيحةً، ولايُطْلِق تعبيرًا إلاّ بليغًا، ولايَنْسِج جملةً إلاّ جميلةَ الصورة حبيبةَ السيرة، ولايكتب مقالاً إلاّ يحلو في قلبِ القارئ قبل أن يَعْذُبَ في عينه. عبارتُه نسجُ الطبع وفيضُ السلاسة، معجونةٌ ببركةِ الإيمان، وعذوبةِ اليقين، وحلاوةِ الحبّ للدينِ والعقيدةِ والنبيِ – محمد صلى الله عليه وسلم – والكتابِ الإلهيّ والأمةِ المسلمةِ. يقرأوها القارئ فيَظُنُّها قطعةً من القلب، وفلذةً من الكبد، وقُرَاضَةً من الذهب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير