تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم حان المساء وأنهى الشيخ الكيرانوي عملَه الذي أقدمه Mكنكوه L فنهضنا لنغادرها إلى ديوبند، وودعنا الشيخ شريف على بوابة مدرسته، وتحركت السيارة، وظلتُ أفكر عبر الطريق من Mكنكوه L إلى Mديوبند L في الانضباط الذي تَعَامَلَ به الشيخُ شريف معنا رَيْثَمَا أقمنا عنده نحو ستّ ساعات من الساعة 12 ضحىً إلى الساعة 6 مساءً، إلى جانب خلقِه الحسن، وطلاقةِ وجهه، وخَزْنِه لسانَه إلاّ فيما يعنيه، وحرصِه على إكرام ضيفه بكل ما يُقِرُّ عينَه، ويَسُرُّ نفسَه، ويُؤْلِفُه لدى المضيف، بحيث يشعر كأنّه في بيته أو في راحة ألذّ مما يجده في بيته. وذكرتُ انطباعي عنه لأستاذي فقال: نعم إنّه من خلّص زملائنا منذ أيّام التعلّم، وقد ربط بيني وبينه المزاج المشترك، وحبُّه مثلى للنظام والانضباط في كل شيء. وهو من العلماء الأحياء القلائل في هذه المنطقة، وهو معروف بينهم بمزيّته هذه.

وما نهضتُ لمغادرة Mكنكوه L إلى Mديوبند L من عند الشيخ شريف حتى أَخَذَ منّي عهدًا بأن أزور مدرستَه من حين لآخر ولاسيّما عندما يذكّرني بذلك. إلى ما قبل وفاته بنحو ثماني أو عشر سنوات ظلتُ أزورها من وقت لآخر، وكلما طال بي العهدُ بالزيارة قليلاً كان يهاتفني الشيخ ويصرّ على استعجال الزيارة بسيّارةِ أجرةٍ كان يدفعها بإلحاح، بل كان يشترط عليّ أن لا أزورها إلاّ بسيّارةِ أجرة يؤدّيها هو، وكان لايرضى بأن أركب حافلة عامّة وأتأذّى بالزّحام. وكان ينزلني في بيته الخاص الذي كان على غلوة من المدرسة، حيث كنتُ أبيت وأصلّي الفجر في المسجد الملاصق لبيته، وأتناول الفطورَ اللذيذَ ذا الموادّ المتنوعة الشهية الذي كان يشابه لحد بعيد فطورَ أهالي وطني في Mبيهار L الشمالية الذين كانوا – ولا يزالون – يركّزون على تنويع وتلذيذ الفطور تركيزًا لايركّزونه على الغداء والعشاء. وكان دائمًا يشاورني في مكتبه بالمدرسة في شؤون المدرسة التعليمية، ويتبادل الرأي في سبيل تطويرها وتفعيل أدائها، مما يدلّ على حرصه على تطوير الأسلوب التدريسي إلى جانب تطوير المنهج الدراسي. وزرت نحو خمس مرات منفردًا أو بصحبة الأخ العزيز الأستاذ المفتي نسيم أحمد المظفربوري – رحمه الله – المتوفى عن نحو 35 عاما من عمره يوم الخميس 26/ذوالقعدة 1423هـ الموافق 30/يناير 2003م، الذي كان يسكن غرفةً بجنب غرفتي في السكن الطلابي الواسع بجامعة ديوبند، المعروف بـMالدار الجديدة L وكان يلازمني في أوقاته الفارغة من الأعمال الرتيبة. رحمه الله وجزاه خيرًا. وخلال نحو العشر سنوات الأخيرة من حياته شُغِلَ الشيخ شريف بالرحلات المكثفة إلى خارج الهند، لتوفير المساعدات الماديّة، لإنجاز المباني الكثيرة التي كان قد أعدّ مشروعَها، بما فيها المكتبة والسكن الطلابي الكبير والبوّابة الرئيسة الشامخة، وانقطع إلى ذلك بنحو لم يدعه يفكّر في مثلي. وأنا بدوري ازدحمتْ عليّ الأعمال أخيرًا إلى جانب اصطلاح الأمراض عليّ، فلم تُتَحْ فرصةٌ للقائه وزيارة مدرسته عبر هذه المدة، حتى علمتُ بوفاته عن طريق مهاتفة أهلي إيّاي في مساء يوم الأربعاء: 24/ ربيع الأول 1426هـ = 4/مايو 2005م أي في يوم وفاته – رحمه الله – أنه اتّصل بهم بعضُ الإخوان من بلدة Mكنكوه L وقال لهم: أودّ مكالمة الشيخ نور، فلما أخبروه أنه في سفر قال: أَخْبِروا الشيخ نور عالم خليل الأميني أنّ الشيخ المقرئ شريف أحمد قد توفّاه الله اليوم، فليدعُ له بالمغفرة والرضوان، وأن يذكر ذلك – إن أمكن له ذلك – في كتاباته العربية العاجلة المخصصة للحديث عن المُتَوَفَّيْنَ؛ لأنه كان بينهما صلات ودّ صميم. فلما نَعَوْه لي أَسِفْتُ عليه حقًّا وحزنت عليه بالغًا، وقلت: قد هوى اليوم عمودٌ شامخٌ في مجال الاهتمام الجادّ البنّاء بالتعليم والتربية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير