تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - الاهتمام بإحياء السنن النبوية – على صاحبها الصلاة والسلام – كان ما يُميَّزُه عن العلماء المعاصرين. ولحرصه الزائد على ذلك أصبح Mمحي السنة L اللقبَ الذي عُرِفَ به في أرجاء الهند؛ فكان يأخذ نفسَه وأصحابَه وجميعَ الجالسين إليه والزائرين له والمتوافدين عليه باتّباع السنة في جميع مناحي الحياة: القيام والقعود، والمنام والاستيقاظ، والأكل والشرب، والتزين واللباس، والبيت والمسجد، والمجلس والخلوة، والصباح والمساء، والاجتماع بالناس، وعيادة المريض، وما يرد من السنن في العبادات والمعاملات، والحياة الفردية والجماعية؛ حتى نبّه الناس إلى قيمة السنن التي يرونها متواضعةً فلا يُلْقُونَ إليها بالاً. وكان يلفت اهتمامَهم إليها بمواعظه، وحديثه المجلسي، وخلال حضره وسفره، وبكتاباته وكُتَيِّبَاته، والمطويات والنشرات التي كان يهتمّ بإعدادها عن طريق أصحابه، والتي كان يوزّعها على كل من يلقاه في مقره بـ Mهردوئي L أو في منازله لدى التطواف الدعوي والإصلاحي.

في شعبان 1423هـ = أكتوبر 2002م قصدتُ مدينة Mمُمْبَاي L – بُومْبَاي سابقًا – وأمضيتُ الشهر كله في علاج داء السكري وعوارضه الخطيرة المفاجئة، لدى بعض الأطباء و في بعض المستشفيات، وزارني خلال إقامتي بالمدينة كثير من معارفي القدامى ومعارفهم الذين تسامعوا بوجودي بها، ومعظمهم حَكَوْا لي قصةَ علاجِ الشيخ أبرارالحق – رحمه الله – الذي كان قد غادر المدينةَ قبل نزولي بها بفترة غير طويلة، وذكروا في إعجاب وانطباع بالغين ولذة عجيبة ماتركَتْ من تأثير عميق في أهالي المدينة المسلمين – الذين عادوه لدى تلقيه العلاجَ في بعض المستشفيات – صحبتُه القصيرة التي تمتعوا بها لدى عيادتهم له، فقد قالوا: إن كثيرًا من الكبار والصغار حَفِظُوا الأَدْعِيَةَ المأثورةَ المرويَّةَ عن النبي S فيما يتعلق بعيادة المريض والدعاء له، وفعلاً كانوا يقرؤونها ويدعون بها لي لدى عيادتهم لي. وقالوا: إن الشيخ يُمَتَّعهُم بزياراته المباركة وإقاماته الطويلة والقصيرة بين ظهرانيهم من وقت لآخر، وكلُّها تكون فرصةً ذهبيةً لتعلّم السنن وتردادها، والعمل بها في كل مناسبة دونما تعب؛ حيث إن الشيخ يُعَلِّمُهم إيّاها بشكل لا يَثْقُلُ عليهم وتُصْبِح – السنن – جزءًا من حياتهم العاديّة.

3 - يوجد في العلماء والدعاة كثيرون يأمرون بالمعروف ويَدْعُون إلى الخير؛ لكنه يقلّ فيهم من يَنْهَوْن عن المنكر. والدراسةُ الميدانيةُ تؤكّد أنّ الأمر بالمعروف قد يكون أسهل على القائم به من النهي عن المنكر؛ لأنّ الأوّل عملٌ Mإيجابيٌّ L لايشقّ على الآمر به ولا على المأمور به، ولا يُسَبِّبُ – في الأغلب – عنتًا أو إعراضًا أو ردَّ فعل سلبيّ من قبل المأمور به تجاه الآمر به. أما النهي عن المنكر، فهو شديد على القائم به وعلى من يُنْهَى? عنه؛ فهو ربّما يُعَرِّض القائم به للصدود والإعراض، والحقد والعداء وردّ الفعل السلبي من قبل المنهيّ عنه. وذلك لأن الأمر بالمعروف كأنه إعطاءٌ وهبةٌ ومنجُ هديّةٍ لمن يُؤْمَرُبه، وأما النهيُ عن المنكر كأنه سَلْبُ أحدٍ شيئًا من أشيائه وأَخْذٌ لما يحبّه ويعيش عليه ويعتاده. وكم يشقّ على المرأ أن تَسْلُبَه ما يملكه دون مقابل تدفعه له؟!. يدلّ على كون النهي عن المنكر أشدّ بالنسبة إلى الأمر بالمعروف أنّه S قَسَّمَ الناهيَ عن منكر ثلاثةً أقسام بالنسبة إلى قدر العزيمة والجراءة، الذي يتمتّع به كلٌّ من الثلاثة؛ فقال: Mمن رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان L ( مسلم عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه) ولم يجعل S الآمرَ بالمعروف على الأقسام الثلاثة. فكأنّ كلَّ ناهٍ عن منكر لايتمتع بدرجة واحدة عليا من الإيمان، وإنما هناك نُهَاةٌ ثلاثة: أقوى الإيمان، وأضعف الإيمان، و أوسط الإيمان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير