تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كان الشيخ أبرارالحق – رحمه الله تعالى – ممن لايخاف في الله لومةَ لائم، وكان لايصبر عن النهي عن المنكر مهما كان مرتكبه، وكان جريئًا وكان صريحًا في ذلك، إلى جانب تقيّده بالحكمة ومراعاه الظروف والتدرج الحكيم المشروع في القيام بوظيفة النهي عن منكر؛ حيث كان متخرجًا في مدرسة التربية الأشرفية التي عُرِفَ صاحبُها الشيخ أشرف علي التهانوي – رحمه الله – بـMحكيم الأمة L إذ كان يَصْدُرُ في جميع أحكام الدين بشطريها: الأوامر والنواهي عن الحكمة التي رَكَّزَ عليها كتابُ الله تركيزًا قويًّا.

ولقد صَحَّحَ – رحمه الله – كثيرًا من الأخطاء الشائعة في مجتمعات المسلمين، وأَصْلَحَ المفاسدَ التي تسرّبت إليها بحكم جوارهم للمواطنين الهندوس أو بحكم الجهل بأحكام الإسلام فيما يتعلق بأبواب الأخلاق والآداب، والعبادات والمعاملات، وبحقوق الله وحقوق العباد؛ فكان ينهى عن السفور بأشكاله الكثيرة، وإسبال الإزار ما دون الكعبين، وحلق اللحية أو قصّها إلى ما دون القبضة، والتقاط الصور، والغيبة، والنميمة، وفضول القول، والنظر إلى الأجنبية، وإساءة النظر إلى أحد، والإسراف، والتبذير، والتقاليد غير الإسلامية في مناسبات الأفراح والأتراح ولا سيّما الزواج والموت، وعقوق الوالدين، والإساءة إلى الأقارب، وقطع الأرحام، ومشاهدة التلفاز، والتفرّج على الأفلام، وما إلى ذلك من المنكرات التي تغلغلت في حياة المسلمين الفردية والجماعية.

وكان – رحمه الله – اشتهر فيما يتعلق بإنكار المنكر؛ فكان لايجترئ أحد بحضوره على ممارسة ما يدخل ضمن Mمنكر L فيمتنع عنه قبل أن يمنعه هو عنه.

4 - وإقراءُ القرآن الكريم بتصحيح الحروف وأدائها من مخارجها أي بتجويده الكامل، كانَ المهمةَ التي قام بها منذ أن بدأ مشوارَه التدريسيّ، فشَنَّها حركة شاملة عامَّةً، وعَاهَدَ بأنّه لن ينقطع عنها طَوَالَ حياته؛ فكان لايتقيد هو ولايقيّد من يقومون بتعليم القرآن في الكتاتيب التابعة لمجلس Mدعوة الحق L فقط، وإنما نَشَرَ الوعيَ بذلك في عامّة المسلمين، فأشار عليهم أن يتفرّغوا لهذه الغاية الشريفة لمدة خمس أو عشر دقائق بعد صلاة الفجر في مساجدهم، حتى يصحِّح لهم الأئمةُ مخارجَ حروفِ آيةٍ أو أقل، كل يوم. ربّما كان الشيخ – رحمه الله – أوّل من اهتمّ بهذا الأمر الجليل الاهتمامَ اللائقَ به، ونَبَّهَ المسلمين خاصتهم وعامتهم إلى قيمته، وأَعَدَّ لذلك بعضَ الرسائل السهلة في موضوع التجويد وقواعده، وأَمَرَ مدرِّسي الكتاتيب بتحفيظها الصغارَ وتطبيق مضامينها في تعليم القرآن. وكان رحمه الله يُنَظِّمُ لهذا الغرض من وقت لآخر دوراتٍ تدريبيةً كان يقوم فيها المدرسون العاملون لديه في الكتاتيب ومدرسة Mأشرف المدارس L بمدينة Mهردوئي L بتدريب مدرسين في الكتاتيب عبر البلاد متوافدين إليها. وكان لحركته هذه التي قام بها وبقي عليها لحين وفاته، تأثيرٌ كبيرٌ شاملٌ في جميع المدارس والكتاتيب الإسلامية المنتشرة في أرجاء الهند، وتَجَاوَزَها إلى المدارس والكتاتيب خارج الهند؛ فأصبحت اليوم أكثر أهتمامًا بتعليم القرآن الكريم مع التجويد وتصحيح أداء حروفه وألفاظه من مخارجها، بل أصبح العالِمُ الدِّيني الذي لا يعرف التجويد Mمنبوذًا L أو Mشبهَ منبوذ L في الأوساط المدرسية، وقد عاصرتُ العلماء الذين كانوا قبل جيلنا، فوجدتُ مُعْظَمَهُم كانوا يتلون القرآن الكريم باللهجة التي كانت عجمية ولم تكن من العربية في شيء، حتى كنتُ أنا وإخواني في الدراسة وأقراني في العمر يقولون: إن فلاناً يقرأ القرآن بالأردية! إشارة إلى النقائص التي كانت قوامَ قراءتهم للقرآن الكريم. أما جيلُ اليوم فصار – ولله الحمد والمنة – مَعْنِيًّا بالقرآن الكريم وتحفيظه وتجويده عنايةً كانت مفقودةً عندما كنّا طلابًا، ونحن اليوم في مستهل العقد السادس من أعمارنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير