تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - ويلي اهتمامَه بتصحيح قراءة القرآن، تصحيحُه، للأذان والإقامة اللذين كان الإهمال في شأنهما عامًّا لدينا في شبه القارة الهندية؛ حيث يظنّ عامّةُ المسلمين – وبعضُ خاصتهم أيضًا هداهم الله جميعًا – أنهما ليسا شيئًا ذا بال؛ ومن هنا يُعَيِّنُون في مساجدهم مُؤَذِّنين لا مَعْرِفَةَ لهم برفع الأذان وأداء كلماته ولا بأداء كلمات الإقامة، وفي الأغلب يكونون كَرْهَى الأصوات وقَبْحَى اللّهجات. وكثيرًا ما سمعنا في صبانا أَنَّ مسيحيًّا في أوربّا أسلم بعدما دَرَسَ الإسلامَ وَاطَّلَع على حقيقته، واتّفق له أنه زار بعضَ دول شبه القارة الهندية، فما إن سَمِعَ صوتَ بعض المؤذنين الكريه لدى رفعه الأذان، حتى ارْتَدَّ عن الإسلام قائلاً: كنتُ لا أدري أنَّ المسلمين يدعون لأداء أكبر شعيرة في دينهم بمثل هذا الصوت الكريه واللهجة القبيحة!.

على كلّ، أَدْرَكَ الشيخُ – رحمه الله – هذا الإهمالَ الكبيرَ الذي يمارسه المسلمون فيما يتعلق بالأذان والإقامة، فجعل إصلاحهما جزءًا من مهمته الدعوية لم يبرحه عبر حياته؛ فكان لايصحّح فقط حروفهما وكلماتهما حسب قواعد التجويد، وإنّما كان يركّز كذلك اهتماماته على تصحيح المدّات، وعلى المنع من تمديد الآلاف، ولاسيما الألف المتوسط في كلمة Mالله L وكان يباشر قراءةَ ألفاظ الأذان والإقامة لدى المؤذنين والأئمة والطلاب، ويراعي في القراءة بدقة قواعدَ التجويد وآداب الترتيل، ويثير في جيمع المسلمين الوعيَ بأهميّة أداء الأذان والإقامة، لكونهما مدخلاً إلى أكبر شعيرة من شعائر الدين؛ فلابُدَّ أن يكون المدخلُ من الروعة والجمال والنظافة بحيث يَنِمُّ عن داخل المبنى.

6 - ويلي ذلك دعوتُه إلى أداء الصلاة متمثلةً في قَالَبَ مُحْكَمٍ من الفرائض والسنن والمستحبات، حتى يكون أداءً كاملاً لا أداءً ناقصًا؛ لكونها أوّل ركن من أركان الإسلام الأربعة، ولكونها خطًّا فاصلاً بين الكفر والإيمان، ولكونها من الأهمية بحيث أنه من ضَيَّعَها فهو لما سواها أَضْيَعُ، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وقد أدرك – رحمه الله – أن المسلمين في الأغلب يتركون أداء الصلاة ولايحافظون عليها، ومن يُوَفَّق لأدائها، يقصّر في أدائها بالنصاب الذي ينبغي أن تؤدى به؛ فلا يؤدّيها بجميع فرائضها وواجباتها، فضلاً عن السنن والمندوبات. فَاهْتَمَّ – رحمه الله – بتدريب المصلين على أداء الصلاة بأركانها كلها، من الفرائض والسنن والمستحبات. وكان حريصًا جدًّا على أن تكون صلاتُنا مثل صلاة سيدنا ونبينا محمد S . وقد أَعَدَّ لذلك جداول عديدة مُدَوَّنَةً فيها فرائضُ وسننُ كلّ ركن من أركان الصلاة، وكان يُعَمِّمُها عن طريق كل غاد ورائح إليه، ويُرَكِّزُ على حفظها والعمل بها خلال أداء الصلاة. وكان قد أجرى في زاويته ومدرسته بـMهردوئي L نظامًا ثابتًا للتدريب العملي على أداء الصلاة بآدابها كلها، فكان يُنَفَّذ ذلك بعد صلاة الفجر مُبَاشَرَةً، فكلُّ طالب ومُدَرِّس وكلُّ مُتَرَبٍّ في زاويته يتخرج مؤديًا للصلاة بشكل كان أقرب إلى السنّة النبوية. وكان يُعْنَى? بهذا الجانب في الحلّ والترحال، وكان يأخذ المسلمين بذلك حيثما كان ينزل داخل الهند وخارجها.

7 - أَلَّفَ وأَصْدَرَ أكثرَ من 25 كتابًا ورسالة في شتّى الموضوعات الإسلامية، كلُّها تنصبّ في خانة الموضوع الرئيس: العودةِ بالأمّة إلى دينها، والاهتمام بما يُصْلِحُ ما فَسَدَ منها، والعناية بما يُقَوِّم ما اعْوَجَّ منها؛ فقد عاش طَوَالَ حياته هذا الهمَّ الكبير الذي لم يهدأ له باله لحظةً من لحظات الليل والنهار. وكانت مواعظُه وكتاباتُه، ورحلاتُه وزياراتُه، وأحاديثه المجلسية تدور حول المطلب الشريف: علاجِ الأمة من الأدواء التي عادت تَنْخُرُ كيانَها، فصارت لا تقدر على أداء مسؤوليتها كأمة أُخْرِجَتْ للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله؛ حيث لم تَعُدْ تَهْتَمُّ بخاصّة نفسها فضلاً عن أن تُعْنَى? بشؤون غيرها وهموم إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام؛ فمن ينسى نفسه كيف به أن يذكر غيره. فالعودةُ بالأمة إلى مستوى مسؤوليتها من إصلاح نفسها حتى تَتَأَهَّلَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير