تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

زرتُ أكثر من مرة ختنَه الطبيب الحاذق بالطب اليوناني العربي الشيخ الحاج محمد كليم الله – حفظه الله – الذي يمارس مهنة العلاج في مدينة Mعليجراه L ، فوجدتُ لديه إلى جانب التقيد بالنظام في شؤون الحياة كلها، ساعات الجدار مضبوطةً بخمس دقائق متقدمة على الساعات العاديّة ومُلْصَق بها ورقة مكتوب فيها: Mهذه الساعة متقدمة على الساعات العاديّة بخمس دقائق L . قلتُ للشيخ: لماذا كتبتم هذا التنبيهَ؟ قال: على أمر من الشيخ أبرارالحق الذي قال: إن كثيرًا من الناس ينخدعون بهذه الساعات المتقدمة، وقد يقعون في حرج. قلت: فلماذا قدمتموها، اجعلوها ساعات مضبوطة بالأوقات العادية. قال: إنني أُحِبُّ السبقَ والتبكيرَ في كلّ شيء وكذلك يحبّهما كثير من الناس، فأنا وهؤلاء يجدون الراحة عندما يجدون الساعاتِ لدينا مضبوطةً بخمس دقائق متقدمة.

3 - كما كان رحمه الله يحبّ النظافةَ، فثيابهُ نظيفةٌ، وأغراضُه نظيفةٌ، والزاويةُ والمدرسةُ جميعُ جنباتهما تنطق بالنظافة والنسق، ولامكان للوسخ والقذر في شيء يتصل به ويتعامل معه. والنظافةُ محبوبةٌ في الشريعة بل هي مأمورٌ بها ومُؤَكَّدٌ عليها في الشريعة؛ ولكن كثيرًا من المنتمين إلى الوسط الديني لايهتمون بهذا الجانب من الدين، بل إنهم يرون عدمَ النظافة دليلاً على البساطة؛ فإذا وجدوا عالماً أو رجلَ دين معنيًّا بالنظافة، تأكّدوا أنه ليس من البساطة في شيء. أما إذا تَأَنَّقَ، فويلٌ لأمّه. وقد عَلَّمَ – رحمه الله – بسيرته الحيّة أن النظافة جزء من الإيمان وأنها واجبة على أهل العلم والقائمين بالدعوة؛ لأن الناس ينجذبون إلى النُظَفَاء، ويفرّون ممن يتلطّخون بالأوساخ مهما كانوا من ذوي العلم والفضل. والعجيبُ أن مُعْظَمَ الناس لايُدْرِكُونَ هذا الفرقَ الواضحَ وضوحَ الشمس في رائعة النهار.

4 - وكان عاملاً بمعنى الزهد، فلا شاغلَ له في هموم الدنيا، ولم يكن له حاجة إلى ذي ثراء وأثاث ورياش؛ فما كان يتملق له كما يتملق كثير من ذوي العلم الذين لايحترمون وقار العلم ولا يُرَاعُوْنَ حرمةَ Mالعلماء L . وقد قال لعدد من ذوي العلم الذين زاروه، فَتَجَوَّلَ بهم في مدرسته: إني لا أزور مدرستي بأحد من التجار والأثرياء حتى لايظنّوا أني أرغب في مالهم أو أحتاج إلى ما لديهم من وسائل العيش. وكان يرى أن انبطاح العلماء لدى الأثرياء تذليلٌ للعلم وتحقيرٌ للدين، ويجب اجتناب هذا الموقف في كلّ حال، مهما أدّى ذلك إلى التضرر الظاهر؛ لأن هذا الموقف لايُقَدِّمُ خدمةً للدين أو الدعوة أو الوطن.

5 - كان على سيرة إخوانه: عبادِ الله الصالحين في لين الجانب، ورقّة القلب، ونعومة الأخلاق، والرأفة بالخلق، وتفريج الكربة عن المؤمنين، وإسداء العون للمحتاجين، والتألم لكل ألم يصيب المسلمين في أي مكان في العالم، ويسعى لتسديد ديون المديونين، وعلاج المرضى، ومسح دموع المسحوقين، ولا يردّ السائلين، وكانت حلاوةُ المنطق مما يميزه عن الدعاة الآخرين، وكان بشخصه الهيّن وبحديثه الليّن ينفذ في القلوب.

وكان يهتمّ بحاجات طلاب العلم بصفة خاصة، ويوصي بذلك جميعَ القائمين على المدارس ومعاهد التعليم؛ فإنه كان يلاحظ أنهم يُخِلّون بهذا الجانب، ويرون أن الطلاب قومٌ يجب أن لا تُرَاعَى? حقوقهم وأن لاتُقْضَى حاجاتهم. فكانت مدرسته بـMهردوئي L ممتازة بخدمة الطلاب عن المدارس الأخرى، وكانت تُحْصِي حتى حاجاتهم الصغيرة فضلاً عن الكبيرة. وكان يتضجّر من أن القائمين على المدارس لدينا في شبه القارة الهندية يهتمون في الأغلب بالأمور الفرعية اهتمامًا لايهتمونه بالأمور الضرورية، فهم ينفقون لحد الإسراف على إنشاء المباني، وزخرفة المظاهر، وتشميخ المنارات والقبب، ولاينفقون قدرَ الواجب على توفير حاجيات الطلاب: من بناء دورات مياه بالعدد الذي يحتاجون إليه، وإقامة نظام لتبريد المياه وتسخينها حسب مقتضى الفصول السنوية؛ ولايوفّرون مولدًا كهربائيًّا حتى إذا انقطع التيار الكهربائي الرسمي، يقوم مقامه في إدارة المراوح، وإنارة المصابيح وملأ خزان الماء؛ وكذلك لاينفقون على تحسين نوعية الوجبات الغَدَائية والعَشَائية أو الفطوريّة، ولاعلى زيادة في المِنَحِ الدراسيّة النقديّة حسب غلاء الأسعار، ولا على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير