قلت: لابد في الوقف من موافقة التفاسير والصحة اللغوية, أما سؤالك: فكيف تقول دعوة من الأرض , وهو منزه عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسفر فإجابته بالسؤال الآتي: ما تقول في قول الله تعالى: ((وناديناه من جانب الطور الأيمن)) هل حل الله في الطور الأيمن؟! تعالى الله عن ذلك.
على أن وقفك هذا خطأ من الوجهة اللغوية. قال الأشموني في منار الهدى: ثم إذا دعاكم دعوة (جائز) , قال نافع وغيره: هذا وقف يحق على العالم علمه ثم قال تعالى: ((من الأرض إذا أنتم تخرجون)) وعند أهل العربية هذا الوقف قبيح لأنَّ ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها وجواب إذا الأولى عند الخليل وسيبويه إذا أنتم والوقف على ما دون جواب إذا قبيح لأنَّ إذا الأولى للشرط والثانية للجزاء وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط قال قتادة دعاكم من السماء فأجبتم من الأرض أي بنفخة إسرافيل في الصور للبعث إلا أيتها الأجساد البالية والعظام النخرة والعروق المتمزقة واللحوم المنتنة قوموا إلى محاسبة رب العزة 0
(93)
قال الشيخ عبد الباسط: ومما ينبغي الوقوف عليه قوله تعالى في سورة القتال: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم} ولا توصل أبدا بقوله: {وأملى لهم}؛ لأن الإملاء تأخير الآجال، وليس ذلك في يد الشيطان، وإنما معنى ذلك: الشيطان سول لهم وأخر الله آجالهم ليعظم ذنبهم. ولكن جميع القراء يقولون: {الشيطان سول لهم وأملى لهم} وهذا من الخطأ بمكان.
قلت: بل تعود على الشيطان يا شيخ. قال ابن كثير: وأملى لهم أي: غرهم وخدعهم , وفي تيسير الكريم الرحمن للعلامة السعدي: وإنما هو تسويل من عدوهم الشيطان وتزيين لهم وإملاء منه لهم. قال الأشموني: وسوَّل لهم (حسن) ومثله أملى لهم في جميع الوجوه كلها في أملي أعني سواء قرئ أُملِى بضم الهمزة وإسكان الياء أو قرئ أَملَى بفتحها أي سواء جعل الإملاء من الله أم من الشيطان فتقديره على ضم الهمزة وأملى أنا لهم وتقديره على فتحها والله أملى لهم وليس بوقف إن جعل الإملاء والتسويل من الشيطان فلا يوقف على سوّل لهم لعطف وأملى عليه قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر وأملي لهم وقرأ أبو عمرو وأملي لهم بضم الهمزة وفتح الياء على أنه فعل ما لم يسم فاعله وهو منقطع مما قبله وذلك أنَّه أراد وأملى الله لهم أي لا يعاجلهم بالعقوبة.
(94)
قال الشيخ عبد الباسط: الواجب الوقف على قوله: {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعذروه وتوقروه} لنفصل بين ضمير رسول الله وضمير الحق جل وعلا، إذ لا يعقل أن يقول مسلم سبحانك يا محمد. وقد غفلت المصاحف عن هذا الوقف، ولم ينبه أحد عليه.
قلت: على رسلك يا شيخ! ليس وقفًا أصلا , وإنما هو من باب اللف والنشر , وقد وقف عليها السجستاني , ووسمه بالتام , ورد الأشموني بقوله: وخولف في ذلك؛ لأن قوله (ويسبحونه) موضعه نصب عطفاً على (ويوقروه) وكان الأصل " ويسبحونه " فحذف النون علامة للنصب فكيف يتم الوقف على ما قبله مع وجود العطف على هذه الصفة والهاء في يسبحوه تعود على الله تعالى والهاء في ويوقروه تعود على النبي صلى الله عليه وسلم فالكلام واحد متصل بعضه ببعض والكناية مختلفة كما ترى 0
الشريط السادس
(95)
قال الشيخ عبد الباسط: أما {ثمود} بالفرقان وهود والعنكبوت وكذلك النجم فهي محذوفه تقول: {ثمود} وذلك في قوله: {ألا بعداً لثمود} بسورة هود، {وعادا وثمود وأصحاب الرس} بالفرقان، تقول {وعاد وثمود} وكذلك {وعاد وثمود وقد تبين لكم} بالعنكبوت تقول: {وعادا وثمود} {وثمود فما أبقى} بالنجم تقول: {وثمود} كذلك: {ألا إن ثمود كفروا ربهم} بسورة هود تقول {ألا إن ثمود}،
قلت: موضع: (ألا بعداً لثمود) بسورة هود لا يدخل في فصل الحذف والإثبات , حيث لا ألف , وإنما الموضع المراد أول الآية كما وضح الشيخ.
(96)
قال الشيخ عبد الباسط: وكذلك {غير معجزي الله} الموضعين بالتوبة تقول: {غير معجزي} وحكمه: مد طبيعي عوض لعارض محذوف. ثم قال: {يمحو الله ما يشاء} تقول: {يمحو} بسورة الرعد، وهو مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم أو قل: مد طبيعي لعارض محذوف.
قلت: أولا: لا يكون ذلك طبيعيًا إلا وقفًا، فأين العارض المحذوف وقفًا؟!
¥