استجاز لها أبوها مع أمها واعتنى بها، وأسمعها من مشايخه.
- ابنتاه فاطمة وعالية (كلاهما 819 هـ) بالطاعون.
استجاز لهما أبوهما ابن حجر من جماعة.
- ابنته رابعة (ت 832 هـ)
أسمعها والدها على المراغي بمكة سنة 815 هـ، وأجاز لها جمع من الشاميين والمصريين.
وبالمناسبة فإن ابن حجر رحمه الله سمي بذلك لأنه كان يطلب العلم ويكتبه على الحجر من شدة فقره، ولم يكن لديه وسيلة أخرى يدون عليها العلم فهذا نموذج لعائلة متميزة علمياً، كان الأب العالم على رغم كثرة انشغاله إلا أنه يهتم بتعليم زوجته وأخته وبناته.
3 - طرائف ومواقف في العلم العائلي وطلبه
1 - زوجة تمدح كتاب زوجها
في ((مسالك الهداية)) لأبي سالم العياشي: أنشدني بعض الإخوان بالقاهرة لبنت الباعوني زوجة القسطلاني في كتابه ((المواهب)):
كتاب المواهب ما مثله
كتاب جليل وكم قد جمع
إذا قال غمرله مشبه
يقول الورى منك لا يستمع
2 - كان المهر شرح كتاب أبيها
أورد العلماء في ترجمة أبي بكر الكاساني قصة حسنة تنبئ عن نبوغ بعض النساء في العلم، قالوا:
تفقه عليه الإمام أبو بكر السمر قندي وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل ((التحفة في الفقه)) وغيرهما من كتب الأصول، وزوجه شيخه المذكور ابنته فاطمة الفقيهة العاملة، قيل: إن
سبب تزويجه بابنته أنها كانت حسناء النساء، وكانت حفظت ((التحفة)) من تصنيف والدها،
طلبها جماعة من ملوك بلاد الروم، فامتنع والدها، فجاء الكاساني ولزم والدها واشتغل بطلب العلم عليه، وبرع في علمي الأصول والفروع، وصنف ((كتاب البدائع)) وهو شرح ((التحفة)) وعرضه على شيخه، فازداد فرحاً به وزوجه ابنته وجعل مهرها منه ذلك، فقال الفقهاء في عصره: ((شرح تحفته فزوجه ابنته)). وجعل مهرها منه ذلك.
3 - بنات متميزات
ألا ترى إلى بنت سعيد بن المسيب رضي الله عنهما لما أن دخل بها زوجها وكان أحد طلبة والدها، فلما أن أصبح، أخذ رداءه يريد أن يخرج، فقالت له زوجته: إلى أين تريد؟ فقال: إلى مجلس سعيد أتعلم العلم، فقالت له: اجلس أعلمك علم سعيد.
وكذلك ما روي عن الإمام مالك رحمه الله حين كان يقرأ عليه ((الموطأ)) فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط.
وكذلك ما حكي عن أشهب أنه كان في المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وأنه اشترى خضرة من جارية وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا بالخبز، فقال لها: إذا كان عشية
حين يأتينا الخبز، فأتنا نعطيك الثمن، فقالت:ذلك لا يجوز، فقال لها: ولم؟ قالت: لأنه بيع طعام بطعام غير يد بيد، فسأل عن الجارية، فقيل له إنها جارية بنت مالك بن أنس رحمه الله تعالى.
4 - أب يدعو الله أن يرزق ابنته زوجاً عالماً
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في ترجمة القاضي أبي بكر محمد بن عبدالباقي البغدادي البزاز الأنصاري (ت 535 ببغداد):قال الشيخ الصالح أبو القاسم الخراز
الصوفي البغدادي:سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عبدالباقي بن محمد البزاز الأنصاري يقول:
كنت مجاوراً بمكة حرسها الله تعالى فأصابني يوماً من الأيام جوع شديد ولم أجد شيئاً ادفع به عني الجوع، فوجدت كيساً من إبريسم مشدوداً بشرابة من إبريسم أيضاً، فأخذته وجئت به إلى بيتي، فحللته فوجدت فيه عقداً من لؤلؤ لم أر مثله، فخرجت فإذا بشيخ ينادي عليه، ومعه خرقة فيها خمسمئة دينار وهو يقول:هذا لمن يرد علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ، فقلت: أنا محتاج،وأنا جائع، فآخذ هذا الذهب فأنتفع به، وأرد عليه الكيس.
فقلت له: تعال إلى فأخذته وجئت به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس وعلامة الشرابة، وعلامة اللؤلؤ وعدده، والخيط الذي هو مشدود به، فأخرجته ودفعته إليه، فسلم إلى خمسمئة دينار، فما أخذتها،وقلت:يجب علي أن أعيده إليك، ولا آخذ له جزاء، قال لي:
لا بد أن تأخذ وألح علي كثيراً، فلم أقبل ذلك منه، فتركني ومضى.
وأما ما كان مني، فإنني خرجت من مكة وركبت البحر، فانكسر المركب وغرق الناس وهلكت أموالهم، وسلمت أنا على قطعة من المركب، فبقيت مدة في البحر لا أدري أين أذهب، فوصلت إلى جزيرة فيها قوم، فقعدت في بعض المساجد، فسمعوني أقرأ، فلم يبق في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إلي وقال:علمني القرآن، فحصل لي من أولئك القوم شيء كثير من المال.
ثم إني رأيت في ذلك المسجد أوراقا ًمن مصحف، فأخذتها أقرأ فيها، فقالوا لي: تحسن
تكتب؟ فقلت: نعم، فقالوا: علمنا الخط، فجاؤوا بأولادهم من الصبيان والشباب، فكنت أعلمهم، فحصل لي أيضاً من ذلك شيء كثير، فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة ولها شيء من الدنيا نريد أن تتزوج بها، فامتنعت، فقالوا: لا بد وألزموني، فأجبتهم إلى ذلك.
فلما زفوها إلى مددت عيني أنظر إليها، فوجدت ذلك العقد بعينه معلقاً في عنقها، فما كان لي حينئذ شغل إلا النظر إليه، فقالوا: يا شيخ! كسرت قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد، ولم تنظر إليها، فقصصت عليهم قصة العقد، فصاحوا وصرخوا بالتهليل والتكبير حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة، فقلت: ما بكم؟ فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية، وكان يقول: ما وجدت في الدنيا مسلماً إلا هذا الزي رد علي هذا العقد، وكان يدعو ويقول:اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي، ولآن قد حصلت، فبقيت معها مدة، ورزقت منها بولدين.
ثم إنها ماتت فورثت العقد أنا وولداي، ثم مات الولدان، فحصل العقد لي، فبعته بمئة ألف دينار، وهذا المال الذي ترونه معي من بقايا ذلك المال.
¥