عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم)) [أخرجه الترمذي (2322) وقال: حسن غريب]
7 ــ بالعلم يكثر أجر العامل:
وبالعلم يعظم أجر المؤمن، ويصحح نيته، فيحسن عمله، وإذا كان النَّاس لا يشغفون بالمال عن العلم، فإنَّ فضل العلم على المال أعظم، وقد فصل لنا الشرع في هذه القضية، فقد قسَّم رسول الله النَّاس على أصناف أربعة، جعل الناجين منهم صنفين، وهما من تلبث بالعلم.
فعن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه. قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوها. وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل.وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء. [أخرجه الترمذي (2325) وقال: حسن صحيح]
والشاهد هنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلم الحقيقي هو العلم الذي يبصر المرء بحقائق الأمور، فصاحب المال إذا لم يتحلَ بالعلم فإنَّه سيسيء التصرف فيه، فتجده ينفقه على شهوات نفسه، ولا يعرف شكر هذه النعمة، ولذلك استحق أن يكون بأخبث المنازل، والعياذ بالله.
وجعل العالم يعرف قدر المال الحقيقي، فيم ينفق؟ فبعلمه نوى نية صالحة فصار بأعلى المنازل، وإن لم ينفق.
8 ــ الاستغفار للعالم:
ويكفي صاحب العلم فضلاً أنَّ الله يسخر له كل شيء ليستغفر له ويدعو له، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صاحب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر)) [أخرجه أبو يعلى بسند صحيح].
9 ــ طلبة العلم هم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتيكم أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبًا بوصية رسول الله وأقنوهم ـ علموهم ـ)) [أخرجه ابن ماجه (247) بسند حسن].
10 ــ إشراقة وجوه العلماء ونضارتها:
وأهل العلم الذين يبلغون الناس شرع الله تعالى هم أنضر الناس وجوهًا، وأشرفهم مقامًا، بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم.
قال صلى الله عليه وسلم: ((نضر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، رب حامل فقه إلى من هو أفقه)) [أخرجه ابن ماجه (230) بسند صحيح].
11 ــ منة الله على أنبيائه بالعلم:
ومن شرف العلم وفضله أنَّ الله امتن على أنبيائه ورسله بما آتاهم من العلم، دلالة على عظم المنَّة.
فذكر نعمته على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى: ((وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا)) [النساء:113]
وعلى خليله إبراهيم، قال تعالى: " إنَّ إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين شاكرًا لأنعمه " [النحل: 120 - 121] وعلى نبيه يوسف ((ولما بلغ أشده آتيناه حكمًا وعلمًا وكذلك نجزي المحسنين)) [يوسف: 22] وعلى كليمه موسى: ((ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا وكذلك نجزي المحسنين)) [القصص:114] وعلى المسيح عيسى بن مريم: ((يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)) [المائدة: 110]
12 ــ شرف الانتساب إليه:
قال علي بن أبي طالب: ومن شرف العلم وفضله أنَّ كل من نسب إليه فرح بذلك، وإنْ لم يكن من أهله، وكل من دفع عنه ونسب إلى الجهل عزَّ عليه ونال ذلك من نفسه، وإنْ كان جاهلاً.
¥