تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَاللهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَكَانَ آخِرُ الْخَلْقِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَمَ، وَهُوَ آخِرُ مَا خُلِقَ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي آخِرِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ. وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ، وَهُوَ الْقَائلُ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنِّي عِنْدَ اللهِ لَمَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ»: أَيْ كُتِبَتْ نُبُوَّتِي، وَأُظْهِرَتْ لَمَّا خُلِقَ آدَمَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، كَمَا يَكْتُبُ اللهُ رِزْقَ الْعَبْدِ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ إذَا خُلِقَ الْجَنِينُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ.

فَإِذَا كَانَ الإِنْسَانُ هُوَ خَاتَمُ الْمَخْلُوقَاتِ وَآخِرُهَا، وَهُوَ الْجَامِعُ لِمَا فِيهَا، وَفَاضِلُهُ هُوَ فَاضِلُ الْمَخْلُوقَاتِ مُطْلَقَاً، وَمُحَمَّدٌ إنْسَانُ هَذَا الْعَيْنِ؛ وَقُطْبُ هَذِهِ الرَّحَى، وَأَقْسَامُ هَذَا الْجَمْعِ كَانَ كَأَنَّهُ غَايَةُ الْغَايَاتِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ، فَمَا يُنْكَرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لأَجْلِهِ خُلِقَتْ جَمِيعهَا، وَإِنَّهُ لَوْلاهُ لَمَا خُلِقَتْ على معنى هَذَا الْكَلامُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ فِي ذَلِكَ غُلُوٌّ مِنْ جِنْسِ غُلُوِّ النَّصَارَى بِإِشْرَاكِ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الرُّبُوبِيَّةِ كَانَ ذَلِكَ مَرْدُودًا غَيْرَ مَقْبُولٍ؛ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إلا الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرَاً لَكُمْ إنَّمَا اللهُ إلَهٌ وَاحِدٌ»، وَاَللهُ قَدْ جَعَلَ لَهُ حَقَّاً لا يُشْرِكُهُ فِيهِ مَخْلُوقٌ، فَلا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ إلا لَهُ، وَلا الدُّعَاءُ إلا لَهُ، وَلا التَّوَكُّلُ إلا عَلَيْهِ، وَلا الرَّغْبَةُ إلا إلَيْهِ، وَلا الرَّهْبَةُ إلا مِنْهُ، وَلا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْهُ إلاإلَيْهِ، وَلا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلا هُوَ، وَلا يُذْهِبُ السَّيِّئَاتِ إلا هُوَ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِهِ، «وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ»، «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإِذْنِهِ»، «إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدَاً. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا»، وَقَالَ تَعَالَى «وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ»، فَجَعَلَ الطَّاعَةَ للهِ وَلِلرَّسُولِ، وَجَعَلَ الْخَشْيَةَ وَالتَّقْوَى للهِ وَحْدَهُ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ «وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللهِ رَاغِبُونَ»، فَالْإِيتَاءُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، وَأَمَّا التَّوَكُّلُ فَعَلَى اللهِ وَحْدَهُ، وَالرَّغْبَةُ إلَى اللهِ وَحْدَهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير