تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصّدّيق التجكاني الغُماري الطنجي" وكنت أعرفه من قبل، فأعجبت بسعة اطلاعه ورسوخ قدمه في علوم الحديث، فكاتبته وجالسته واستفدت منه علما جما، وأعطاني من وقته وكتبه ما كان يضِنّ به على الغير، وأجازني إجازة عامة بما تضمنه فهرسه الكبير والصغير، كما أجازني مشافهة كثير من العلماء من أشهرهم الشيخ "عبد الحي الكتاني" عند زيارته لتطوان واعتذر عن الكتابة ووعد بها فحالت دونها مواقفه السياسية، كما أجازني الشيخ "عبد الحفيظ الفاسي الفهري" مشافهة بمصيف مرتيل، والشيخ "الطاهر بن عاشور" بمنزله بتونس عام 1382هـ، واعتذر عن الكتابة بالمرض والضعف، وهذا الأخير من شيوخ شيخي ابن الصديق، ولم تكن لي عناية بالإجازات، والشيخ "أحمد بن الصديق" هو الذي أجازني ابتداء دون طلب مني، ولم أكن معه على وفاق في الاعتقاد بالتصوف الفلسفي والصوفية والمبالغة في ذلك، كما لم أكن أرضى تخبطه في السياسة وتورطه في أوحالها، مما شوّه سمعته وسود صحيفته، وأصابني برشاش، كما ندمت بالغ الندم وتُبت إلى الله منه لما طوّح بي إليه الشيخ من التشيع المقيت والرفض المُردي، فتورطت في الحملة على كثير من الصحابة ولعن بعضهم كمعاوية وأبيه وعمرو بن العاص وسمرة وابن الزبير وغيرهم، متأثرا بما كنت أسمعه مرارا وأقرؤه من أحاديث مما عملت أيدي الروافض، كان الشيخ يمليها علينا مبتهجا مصرحا أنها أصح من الصحيح، فكنا نثق به ونطمئن إلى أحكامه، ويحكم على كل ما يخالفها من الأحاديث بأنها من وضع النواصب، ومن الطريف في هذا الباب: أنه كان يُبغض الشام وأهله ويصفهم بالشؤم على الإسلام وأهله، ويبطل ما ورد في فضله من أحاديث صحيحة، وظل كذلك إلى أن فر من المغرب إلى مصر، ثم زار الشام فأكرمه اهلها، وأقام له صوفيتها المآدب، فكتب إلى أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن اعتقاده في الشام وأهله، وأن ما ورد في ذلك صحيح، ومما كان له الأثر الكبير في حياتي، ويعد وصلا لما كان انقطع من انتهاجي منهج السلف الصالح بعيدا عن تيارات التصوف الفلسفي والتشيع المنحرف اتصالي بالشيخ المحدث السلفي الحق "محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني الأرناؤوطي ثم الدمشقي" نزيل عمّان البلقاء الآن مهاجرا بدينه مضيقا عليه بعد أن أخرج من دمشق ظلما وعدوا، فقد اجتمعتُ به بالمدينة المنورة في حجتي الأولى عام 1382هـ بمنزله وأعطاني بعض رسائله، فاعتبرتها مناولة فاستأذنته في الرواية عنه بها فأنعم، وزارني بتطوان مرتين: قرأت عليه في إحداهما أبوابا من "السنن الكبرى" للنسائي المخطوطة بخزانة الجامع الكبير، واجتمعت به بطنجة، بمنزل الشيخ الزمزمي ابن الصديق، وسمعت من فرائده وفتاواه الكثير، وبعث إلي من رسائله وكتبه المستطابة ما أحيا في قلبي كامن الشوق إلى تتبع هذا المهيع المشرق والعناية بآثاره ومعالمه، والاستمساك بعراه، وما زلت إلى الآن لاهجا بفضله، داعيا إليه.

وقد تزوجتُ باكرا وأنجبت أولادا بكرهم أوّيس، وهو الآن أستاذ بإحدى ثانويات تطوان، ويعد أطروحته لإحراز دكتوراه الدولة في الأدب، وله شعر حسن ومقالات منثورة، نسأل الله تعالى أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة آمين.

وتوجد نماذج من نظمي ونثري عند الإخوان وضمن مذَكَّراتي المسمات: "جراب السائح" كما أنني صححت جزءا من تمهيد ابن عبد البر طبع وزارة الأوقاف في المغرب، وأكثر من النصف من كتاب الذخيرة في الفقه المقارن للقرافي المالكي، والأربعين حديثا في الجهاد لعلي بركة الأندلسي، وسراج المهتدين لابن العربي المعافري، وتحت يدي الآن الجزء الثامن والتاسع من النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني، وسيصدر إن شاء الله عن دار الغرب الإسلامي، وكلفتني منظمة "الإيسيسكو" للتربية والثقافة والعلوم بمراجعة: معجم تفاسير القرآن الكريم الذي صدر عنها مؤخرا والاستدراك عليه، وقد تم المستدرك في حجم أصله، وتم طبعه وسيصدر قريبا بإذن الله، كما طبع لي جزء الأربعين حديثا في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، وتم توزيعه بتطوان، كما أخذ بعض الإخوة هنا مجلدا في خطب الجمعة لطبعه، يسر الله ذلك بمنه، وللأخوين الكريمين الدكتور حسن الوراكلي الأستاذ بجامعة أم القرى، وصديقه الأخ الداعية محمد المنتصر الريسوني كلام عني وعن أدبي نشر بمجلة دعوة الحق، كما صدرت لي ترجمة ضمن مادة التعريف بأسرة: "بوخبزة" في "معلمة المغرب" التي تصدر تباعا بالمغرب بإشراف الدكتور محمد حَجي.

هذه ترجمة كتبتها بطلب من الأستاذ عبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة المغربية، ليدرجها في موسوعته "أعلام المغرب العربي" التي صدر منها للآن 6 مجلدات، وأذكر أنني اعتذرت للأستاذ المذكور عن كتابة ترجمة بأنني تلميذ محب للعلم ولست من الأعلام حتى أترجَم ضمنهم، فأجابني أن كثيرا جدا ممن تضمهم معاجم التراجم وكتب الطبقات والتواريخ عوام أو في حكمهم، لا يستحقون أن يكونوا تلامذة بمعنى الكلمة، ومع ذلك فقد أضفيت عليهم الألقاب والأوصاف، وأسدلت عليهم أردية التعظيم والاحترام، فكيف تكِعُّ أنت -يخاطبني- عن التعريف بنفسك، وقد انتفع الناس بك، وأنا أعتمد على إشاراتك وتنبيهاتك كلما زودتَّني بها في كلام من هذا القبيل أملاه عليه تواضعه المشكور، وهو العالم المؤرخ المشهور، فشجعني كلامُه هذا على كتابة ما تقدم، وأرجو أن أكون قد أصبتُ الحقيقة، وأستغفر الله على كل حال، وقديما قيل:

لعمر أبيك ما نسب المعلى * إلى كرم وفي الدنيا كريم

ولكن البلاد إذا اقشعرت * وصوح نبتها رعي الهشيم

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك،ونحمد الله على كرمه بان اكرمنا به.

وهو منقول من المجلس العلمي (الالوكة) رعاه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير