إن شاهد القرن الأديب موسى الأحمدي نويوات خانه الصمت، وسكت عنه الأدباء في قسوة .. غافلين أدبه الحي، وفنّه الرفيع، .. !
لم يحظ الأحمدي في حياته بعمل أدبي واحد منشور يكشف أدبه شعرا ونثرا، اللهم إلا ما نشره الكاتب السوري أحمد دوغان في كتابه " شخصيات من الأدب الجزائري الحديث " تحت عنوان ـ الأديب المحقق موسى الأحمدي نويوات ـ جاءت لمحة مختصرة في سبع صفحات من الحجم الصغير، لم توفه حقه من الدراسة والتناول. أو ما نشره الدكتور يحيى بوعزيز في كتابه " أعلام الفكر و الثقافة في الجزائر المحروسة " وهي صفحات أرسلها الشيخ للمؤلف بخط يده.
كما لم يحظ الأديب الأحمدي إلا ببعض الحوارات و التحقيقات الصحفية التي أجراها بعض من الصحفيين الشباب، ونُشرت في أغلبها كلاما مكرورا، لايغني عن الدراسات الجادة التي ترسم للأحمدي الكاتب، و الشاعر، و القاص، والعروضي، والفرضي .. صورة تامة واضحة منسجمة الأضواء و الظلال ..
و الحقيقة أننا نحن العرب عُرفنا بخصلة غريبة .. نتنكر لرجالنا الأفذاذ في حياتهم، حتى إذا ماتوا ذرفنا عليهم الدمع السخين. .. !
نعم: بمثل هذا العقوق قُوبِل هذا الرجل الكبير ... .. !
!!!
إن الحياة السياسية والأدبية في النصف الأول من القرن العشرين، فترة عاشها الأحمدي وكان لها أثرها البالغ في كيان الجزائر السياسي ونهضتها الفكرية والأدبية بعد ذلك .. تلك النهضة الأدبية التي كان من فروعها النهضة الشعرية و التي نستطيع أن نعد الأديب الأحمدي من روادها .. فقد وضع كتابه " المتوسط الكافي " في تلك الفترة ليحمل الشعراء على الموزون المقفى .. فانتظم الشعر، وترقرقت قوافيه، وحسن سبكه عند كثير من شعراء عصر النهضة، واستطاع الأحمدي أن يرفع الشعر من الأعتاب إلى الآفاق.
ولما كان من غير الممكن عرض نتاج أي أديب بمعزل عن سيرته فإنني أفردت القسم الأول من هذا البحث لحياة الأديب الراحل، جمعتها بعد أن كانت تفاريق في المجلات والصحف، بالإضافة إلى ما خصّني به الشيخ من الوثائق، كما استعنت أيضا بما كتبه نجلاه سعادة الدكتور المختار نويوات ـ أستاذ الأدب المقارن بكلية الآداب ـ جامعة عنابة ـ، وسعادة السفير سعد الدين نويوات، في مقاليهما عن والدهما الراحل.
أما القسم الثاني فقد خصصته لآثاره، متعرضا لكل تأليف بتعريف موجز، ومنهجه فيه، وما قيل عنه ... .مما استطعت الحصول عليه من الصحف التي كان ينشر بها، أو مما زودني به في حياته ـ رحمه الله ـ.
ولست أزعم أني قد رويت عن الأحمدي كل ما يجب أن يروى .. ولا قلت كل ما يجب أن يقال .. فحياة رجل عاش قرنا من الزمان حافلة بالبذل و العطاء .. أعمق من أن يخطها قلم، وأوسع من أن يحيط بها كلام.
هذا ... ورجائي الكبير من وراء هذا العمل أن أضع بين يدي القارئ الكريم جانبا من تراثنا الفكري كي لا يغطيه النسيان، ويُقبر في الرفوف، آملا أن أكون بذلك قد وفرت المادة الأولية للدارسين والنقاد المتخصصين، وسهلت لهم طريق الكشف عن أحد رواد النهضة العلمية في بلادنا، وأحد رموز جمعية العلماء المسلمين القلائل الذين خلّدوا تراثا مكتوبا ..
ولعلّه من أضعف الإيمان أن يُرفع اسم الأديب الأحمدي على واجهة مؤسسة تربوية، أو دار للثقافة، أو تُدرج نصوص من أدبه في المناهج التربوية، أو تحمل اسمه لافتة على شارع جانبي في بلده ـ الجزائر ـ التي قال فيها الكثير، وقدّم لها الكثير، ووقف حياته كلها حارسا أمينا على لغة الضاد، وتراثها الضخم، وأدبها الرفيع.
فكفانا احتقارا لرجالاتنا، والتنكُر لتراثهم، واطِّراح فكرهم، وإغفال مآثرهم. وأُقْسِمُ .. ! لو أن الأحمدي عاش تحت سماء القاهرة أو دمشق أو بغداد .. لكان له شأن أفضل .. !
فله الذكرى باقية في أمة مفجوعة فيه، باكية عليه، تفقد جثمانه، ولا تفقد ذكره، فحياته ـ رحمه الله ـ صورة فذّة جمعت أجزاؤها كل جلال النبوغ الفطري، والتحصيل الذكي الدؤوب، والعصامية التي استعلت على قسوة المنشأ، وباركتها عناية الله .. حتى استوت علما نافعا، وأدبا واسعا، يطول بقاؤه، ويُكتب له الخلود، ولكل أجل كتاب ..
من هنا
http://merathdz.com/play-1090.html
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[04 - 12 - 07, 07:13 م]ـ
والشيخ زهير الشاويش يروي عن البشير الإبراهيمي وأظنه الوحيد الذي لايزال على قيد الحياة-أمد الله في عمره- ممن يروي عن الإبراهيمي ....
الأستاذ الفاضل ابن عبد السلام
شيخنا الشيخ زهير الشاويش حفظه الله ليس هو الوحيد الذي يروي عن البشير الإبراهيمي بل هم كثر
ومنهم: شيخنا أبو خليل نعيم بن محمد بن الجيلالي الرحالي فقد أجازني كما أجازه الشيخ البشير الإبراهيمي وكتب ذلك بخط يديه.
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[04 - 12 - 07, 07:22 م]ـ
سبحان الله!
بارك الله فيك يا شيخ يحيى على هذه الفائدة .. لم أكن أعرف أن الشيخ الخطيب نعيم رحالي (الوهراني) يروي عن الشيخ الإبراهيمي رحمه الله .. جزاك الله خيرا
¥