من والده، ويقول الكزبري في إجازته "فألحّ علي ولدي في انجاز ما طلب قياماً منه ببعض ما عليه قد وجب، ولقد تقاعدت عن إجابته مدة من الأيام علماً مني بأني لست أهلا لإجازة ولد مثل هذا الإمام، ولما لم أجد عن ذلك بدا قمت على قدم الإطاعة مجداً، فأجبته لطلبه منجزاً لبغيته وأجزت ولد سيدنا المذكور محمد محي الدين إجازة عامة مطلقة بالشرط المعتبر عند أهله."
وفي آخر الإجازة كتب الكزبري بخطة تصديقاً على الإجازة وختمها بختمين مما يوضح أن هذه هي الإجازة الأصلية التي تلقاها ابن حبيش، وفي الجانب المقابل نجد أن الشيخ ابن حبيش قد أجاز محمد بن صنع الله الخالدي في جميع ما رواه.
وكان رحمه الله يقوم بخدمة تربة الشيخ حيدر الواقعة في محله الحيادرة (حارة الشرف أو حارة اليهود)، وفي 17 ذي الحجة سنة 1210هـ/ 1796م. عين رسمياً من قبل الحاكم الشرعي شيخاً على التربة المذكورة حِسبةً لله تعالى، كما عين في التاريخ نفسه أولاده في وظيفة البوابة والشعالة والخدمة للتربة نفسها بمبلغ وقدره عثماني في كل يوم.
ولازم البديري الشيخ محمود بن محمد الكوراني (1195 هـ) ست سنوات وأخذ عنه الطريقة الخلوتية. وبعد إقامة بمصر دامت ثلاثين عاماً عاد إلى القدس. وقال عنه الجبرتي (الإمام الأوحد الشيخ محمد البديري الذي هو الآن بالقدس الشريف والمشار إليه في التسليك (أي ضم مريدين جدد لتلك الطريقة) بتلك الديار.
وقال عنه الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار":
ومات العمدة الإمام الصالح الناسك العلامة والبحر الفهامة الشيخ محمد ابن سيرين بن محمد بن محمود بن حبيش الشافعي المقدسي ولد في حدود الستين وقدم به والده إلى مصر في حدود الستين فقرأ القرآن واشتغل بالعلم وحضر دروس الشيخ عيسى البراوي فتفقه عليه, وحلت عليه أنظاره وحصل طرفا جيدا من العلوم على الشيخ عطية الأجهوري ولازمه ملازمة كليه وبعد وفاة شيخه اشتغل بالحديث فسمع صحيح مسلم على الشيخ أحمد الراشدي, واتصل بشيخنا الشيخ محمود الكردي فلقنه الذكر ولازمه وحصلت منه الأنوار وانجمع عن الناس ولاحت عليه لوائح النجابة وألبسه التاج وجعله من جملة خلفاء الخلوتية، وأمره بالتوجه إلي بيت المقدس فقدمه وسكن بالحرم وصار يذاكر الطلبة بالعلوم ويعقد حلقة الذكر وله فهم جيد مع حدة الذهن وأقبلت عليه الناس بالمحبة ونشر له القبول عند الأمراء والوزراء وقبلت شفاعته مع الانجماع عنهم وعدم قبول هداياهم وأخبرني بعض من صحبه أنه يفهم من كلام الشيخ ابن العربي ويقرره تقريرا جيدا ويميل إلي سماعه؛ وحج من بيت المقدس وأصيب في العقبة بجراحة في عضده وسلب ما عليه وتحمل تلك المشقات ورجع إلى مصر فزار شيخه الشيخ محمود اوجلس مدة ثم أذن له بالرجوع إلي بلده وسمع أشياء كثيرة في مباد عمره واقتبس من الأشياخ فوائد جمة حتى قبل اشتغاله بالعلم وفي سنة 1182 كتب إلى شيخنا السيد مرتضى يستجيزه فكتب له أسانيده العالية في كراسة وسماها قلنسوة التاج , وقد تقدم ذكرها في ترجمة السيد مرتضى , ولم يزل يملي ويفيد ويدرس ويعيد واشتهر ذكره في الآفاق وانعقد على اعتقاده وانفراده الاتفاق وسطعت أنواره وعمت أسراره وانتشرت في الكون أخباره وازدحمت على سدته زواره إلى أن أجاب الداعي ونعته النواعي , وذلك سابع وعشرين شهر شعبان من السنة (1220) ولم يخلف بعده مثله وبه ختم هذا الجزء الثالث من كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار لغاية سنة عشرين ومائتين وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
توفي الشيخ ابن حبيش في يوم الاثنين الموافق 27 شعبان سنة 1220هـ / 20 نوفمبر سنة 1805 ودفن في زاويته التي عاش فيها معظم حياته، وقد قال السيد أحمد بن عبد الله السردي الغمري فيه مرثية من اثنين وعشرين بيتا نقتبس منها هذه الأبيات:
صبراً جميلاً لحكم الواحد الأحد ... يا عارفاً عن صراط الله لم يحد
إن كان فقد البديري العليم غدا ... في الدين ثلما فان الدين للصمد
أو غالب الحزن صبراً عنه مفترضا ... فكل نفس تذوق الموت عن أمد
..........
يا بهجة المسجد الأقصى وزينته ... يا عارفا عن صراط الله لم يحد
من للدروس التي تحي النفوس بها ... وللتصانيف والتحديث بالسند
من الفتاوى التي عزت مداركها ... عن الفحول وحل الرمز والعقد
ثانيا:
إجازة الكزبري لابن حبيش
مع الشكر الجزيل لآل البديري وخاصة للقيمين على المكتبة البديرية في القدس
ـ[أزماراي]ــــــــ[27 - 02 - 08, 11:35 م]ـ
شيخنا الفاضل جزاكم الله خير الجزاء
ـ[ماجد الشيحاوي]ــــــــ[29 - 02 - 08, 01:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[02 - 03 - 08, 06:59 م]ـ
الأخ الكريم عبداللطيف هل تدلنا على موقع المكتبة البديرية
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[02 - 03 - 08, 07:35 م]ـ
الأخ الفاضل،
هذا رابط الموقع لكنني لم استطع الدخول إليه اليوم:
http://www.budeiri.net
وعلى كل حال فلا توجد مخطوطات مصورة في الموقع، وقد قمت بتصوير هذه الإجازة يدويا ثم مسحتها على السكانر
¥