[مقالة كتبها الشيخ محمد راغب الطباخ بمناسبة زيارة الحافظ السيد محمد عبد الحي الكتاني]
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[28 - 02 - 08, 02:03 ص]ـ
وبعد فهذه المقالة التي كتبها شيخ شيوخنا العلامة المؤرخ الشيخ محمد راغب الطباخ بمناسبة لقائه بصديقه شيخ شيوخنا الإمام الحافظ السيد محمد عبد الحي الكتاني في مدينة طرابلس الشام سنة 1352هـ، أحضرها لي ولدي البار نواف الطالب بكلية الشرعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، - وفقه الله ورعاه -، وكان أهداها له شيخنا العالم الصالح السيد عبد الرحمن بن محمد عبد الحي الكتاني حفظه الله تعالى. عند زيارته له في موطنه فاس في الصيف الماضي 1427هـ.
وقد سررت بها لما قرأتها، لما للشيخين الجليلين من مكانة في قلبي، ومنزلة في نفسي.
واصل هذه المقالة نشر في مجلة الاعتصام الحلبية، في العدد الأول من السنة الثالثة: (ربيع الأول 1352هـ، والتي كان يحرر الشيخ محمد الحكيم ت 1400 هـ، من طلاب الشيخ راغب الطباخ وخريجي المدرسة الشرعية، والذي أصبح فيما بعد مفتي لحلب الشهباء.
قرأت هذه المقالة، ولمست فيها الأدب الرفيع، الذي تجلى في شخصية الشيخ محمد راغب الطباخ، في محبته وتقديره للسيد الكتاني، مع أنه أكبر منه سناً، فقد ولد سنة 1293هـ، بينما كان مولد السيد الكتاني 1302هـ رحمهما الله تعالى.
إضافة لما للشيخ راغب من منزلة علمية كبرى في بلده، امتد أثرها إلى كثير من بلدان العالم الإسلامي، وقد ابتدأت الصلة بينهما بمراسلة السيد الكتاني له من المغرب.
وقد حرص الشيخ الطباخ على لقاء السيد الكتاني عند عودته من الديار الحجازية في حجته الثانية، ووعده للشيخ راغب في القدوم إلى زيارته، ولما لم يتيسر قدومه إلى حلب شد الشيخ راغب الرحال إلى طرابلس، فتساقيا العلم والأدب كما ستراه في هذه المقالة الماتعة.
وإنها لتعبر عن أدب العلماء في صداقتهم وودهم واحترام كلٍ منهما للآخر، والحرص على الفائدة العلمية، وتوثيق الصلات، وتمتين الروابط فيما بينهم.
وإليك أيها القارئ الكريم مقال الشيخ راغب بتمامه:
الشريف الكتاني يزور سوريا
من أفذاذ العالم الإسلامي في هذا العصر، ومن النابغين فيه المبرزين على الأقران، والذين طبقت شهرتهم الآفاق، وطار صيتهم في المشارق والمغارب، العلامة الكبير حافظ العصر ومحدثه السيد الشريف الشيخ محمد عبدالحي الكتاني الإدريسي، أحد علماء فاس في المغرب الأقصى.
قصد هذا الأستاذ الكبير في العام الماضي الديار المباركة الحجازية فمرَّ في طريقه بالديار المصرية، فأكرمت تلك الديار مثواه، ولقي من فضلائها وعظمائها جميل الحفاوة وعظيم الإقبال لما عُرِفَ وشُوهد فيه من جلالة الفضل وعظم القدر.
ولقي في الديار الحجازية مثل ذلك، وفي عودته أتى إلى دمشق فبيروت فاستقبل أيضا أحسن استقبال وقدرته هذه البلاد قدره.
وكان من نيته أن يزور الشهباء لوعد كان منه لكاتب هذه السطور قبل خروجه من بلدته فاس إلا أنه لما كان في بيروت أرسل إلى رسولين اعتذرا عن عدم تمكُّنه من المجيء إلى حلب لعدة أسباب بيِّناها، وأنه عائد الآن إلى وطنه بعد أن يزور طرابلس الشام، ووعد بالعودة إلى الشهباء في رجب المقبل، وأنه منها سيستأنف الرحلة إلى بغداد عاصمة العباسيين، ومنها يذهب للهند لتكملة رحلته التي يقصد فيها لقيَّ الفضلاء في هذا العصر والتعارف بهم لأن من رأيه أن شَدَّ أواصر المعرفة بين أهل العلم والفضل في كل قطر ومصر من أهم الواجبات على كل ذي فضل ومعرفة لما يترتب على ذلك من الفوائد الجلى.
ولما كنت من عشّاق هذا الأستاذ الكبير لمكاتبات بيني وبينه قبل خمس سنوات كان له فيها فضل التقدُّم، عرفت منها مكانته العلمية وعظيم فضله، ولعلمي بما له من المؤلفات التي أربت على المائتين وناهزت المائتين وخمسين مؤلفاً ولاطلاعي على بعض المطبوع منها ومعرفتي منها غزارة علمه وسعة اطلاعه وعظيم إحاطته بالرجال وأخبارهم في القديم والحديث.
بادرت بالرحلة إلى طرابلس الشام، حيث أنه دُعي إليها من علمائها ووجهائها في التاسع والعشرين من شهر صفر الماضي، وهناك في قرية قلمون وهي على مقربة من طرابلس الشام حظيت بالاجتماع بهذا السيد الجليل، فأدهشني منظره كما كان يدهشني خبره.
¥