تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال: الأعمش شيخ وأبي وائل شيخ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه، وحديث يتداوله

الفقهاء خير مما يتداوله الشيوخ ".

(وأخرج أبو سعد السمعاني في مقدمة " تذييله لتاريخ بغداد " عن إسحاق بن إبراهيم قال: قيل لسفيان بن عيينة: إن فلانا يحدث بنزول، فقال: يزينها الصدق).

وروينا في " التاريخ " في ترجمة الشافعي رضي الله عنه أن أحمد بن حنبل لامه في حضوره مجلس الشافعي وتركه مجلس سفيان بن عيينة رضي الله عنهم، فقال له أحمد: اسكت، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول، ولا يضرك في دينك ولا في عقلك ولا في فهمك، وإن فاتك عقل هذا الفتى أخاف أن لا تجده إلى يوم القيامة، ما رأيت أحدا أفقه في كتاب الله عز وجل من هذا الفتى.

وسئل أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ: " أكان ابن صاعد يحفظ؟

فتبسم وقال: لا يقال لأبي بكر يحفظ، كان يدري ".

قال حمزة بن يوسف السهمي: " قلت لأبي بكر بن عبدان: أيش الفرق بين الدراية والحفظ؟ فقال: الدراية فوق الحفظ ".

قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: " لم يكن في أقران أبي محمد بن صاعد في فهمه وكان أحفظ منه، أي وكان يوجد من هو أحفظ منه، قال: والفهم عندنا أجل من الحفظ ".

قلت:

فانظروا إلى كلام هؤلاء الأئمة الحفاظ حقا كيف كان الأمر في نظرهم على ما ذكرنا، وإن كان هذا مما لا يخفى على عالم إلا أني أحب أن استدل على كل طائفة بكلام أئمتها لتكون الحجة عليهم أبلغ، ولأن ذلك أقرب إلى تحريكهم إلى سلوك طريقهم.

ثم اعلم أن كل ما جاء عن السلف رضي الله عنهم من الثناء على أهل الحديث ووصفهم ومدح علمهم إنما كان باعتبار ما ذكرناه من حفظ متونه والتفقه فيها وتمييز صحيحه من سقيمه، والتمسك به علما وعملا، وإن كانوا متفاوتين في ذلك، فبعضهم برز في الحفظ، وبعضهم في الفقه، وبعضهم في التمييز مع المشاركة كل فريق للباقين بما لم يبرز فيه،

(ولهذا جاء عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال: " انتهى علم الحديث في زماننا إلى أربعة: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبي بكر بن أبي شيبة، ثم وصف أحمد بأنه أفقههم فيه، ووصف يحيى بأنه أعلمهم بصحيح الحديث وسقيمه، ووصف ابن المديني بأنه أعلمهم به أي يعلله، ووصف أبا بكر بأنه أحفظهم له ".

قال يحيى بن أبي بكير: " قيل لسفيان الثوري، إلى متى تطلب الحديث؟

قال: وأي خير أنا فيه خير من الحديث فنصير إليه - يعني بدلا من الحديث - إن الحديث خير علوم الدنيا، وإن نور الآخرة الحديث ".

قال موسى بن عبد الرحمن بن مهدي: سمعت أبي يقول: " رأيت سفيان الثوري في المنام فقلت: أي شيء وجدت أفضل؟

قال: الحديث ".

(وجاء عن ابن المبارك وغيره: ما أعلم شيئا أفضل من طلب الحديث لمن أراد الله به ".

وقال وكيع: " لولا أن الحديث أفضل عندي من التسبيح ما حدثت ".

قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: " إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".

وروينا عن الإمام الشافعي رحمه الله أيضا أنه قال: " عليكم بأصحاب الحديث فهم الناس ".

قال أبو محمد عبد الله بن جعفر الخبازي: سمعت أبا أحمد عبد الله ابن بكر بن محمد العالم الزاهد بالشام في جبل لبنان يقول: " أبرك العلوم وأفضلها وأكثرها نفعا في الدين والدنيا بعد كتاب الله

عز وجل أحاديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما فيها من كثرة الصلوات عليه، وإنها

كالرياض والبساتين تجد فيها كل خير وبر، وفضل وذكر ".

(وفي " جامع الترمذي " من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة "، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال الفقيه أبو زيد المروزي الزاهد: " كنت نائما بين الركن والمقام فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل - يعني البخاري ". وكان أبو زيد يرويه عن الفربري وهو أجل من رواه عنه).

ولله در القائل:

طلب الحديث طريقة ==الماضين من أهل الرشاد

فاسلك سبيلهم تنل ==== درجاتهم يوم المعاد

وللحافظ أبي طاهر السلفي رحمه الله:

دين النبي وشرعه أخباره ==== وأجل علم يقتنى آثاره

من كان مشتغلا بها وبنشرها == بين البرية لا عفت آثاره

فسهل الله علينا الاستمرار على الاشتغال به على الوجه المرضي، وإن كان قد أصبح أكثر الناس عنه معرضين، فما ذاك بمانع لمن سبق له الوعد بالنصر من سيد المرسلين، فقد صح عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طرق أنه قال: " لا يزال ناس من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ".

وذكر (أبو بكر محمد بن منصور السمعاني في " أماليه " عن غير واحد من الأئمة منهم: عبد الله بن المبارك ويزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني والبخاري وغيرهم أن هذه الطائفة المنصورة هم أصحاب الحديث.

قلت: وأصحاب الحديث جند الله ورسوله لاعتنائهم بنشر شريعته وإعلاء كلمته، فالفأل لهم بالفوز والنصر والغلبة من كلام رب العالمين قوله سبحانه: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون}.

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=129814

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير