وكلهم متفقون على دين واحد، وطريقٍ واحدةٍ، وسبيل واحدة: يعبدون الله، ويطيعون الله ورسوله ق، ومَنْ بَلَّغَهُم من الصادقين عن النبي ق شيئاً قَبِلُوه، ومن فَهِمَ من القرآن والسنة ما دَلَّ عليه القُرْآنُ والسُّنَةُ استفادوه، ومن دعاهم إلى الخير الذي يحبه الله ورسوله أجابوه.
ولم يكن أحد منهم يجعل شيخه ربَّاً يستغيث به كالإله الذي يَسْأَلُه ويرغب إليه ويعبده ويتوكل عليه ويستغيث به حياً وميتاً، ولا كالنبيِّ الذي تجبُ طاعتًه في كُلِّ ما أمَرَ؛ فالحلالُ ما حَلَّلَه والحرام ما حَرَّمَه؛ فإنَّ هذا ونحوه دينُ النصارى الذين قال الله فيهم:" اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباًُ من دون الله والمسيحَ ابنَ مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون".
وكانوا متعاونين على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، متواصين بالحق متواصين بالصبر، والإمامُ والشيخُ ونحوُهُمَا عندهم بمنزلةِ الإمامِ في الصلاة، وبمنزلة دليلِ الحاجِّ؛ فالإمامُ يقتدي به المأمومون فيصلون بصلاته لا يُصَلِّي عنهم، وهو يصلي بهم الصلاةَ التي أَمَرَ اللهُ ورسولُه بها؛ فإن عَدَلَ عن ذلك سهواً أو عمداً لم يَتَّبِعوه، ودليل الحاج يَدُلُّ الوفدَ على طريق البيتِ ليسلكوه ويحجوه بأنفسهم؛ فالدليلُ لا يَحُجُّ عنهم، وإن أخطأَ الدِّلالةَ لم يَتَّبِعوه.
وإذا اختلف دليلان وإمامانِ نُظِرَ: أيُّهُما كانَ الحَقُّ معه اتُّبِعَ، فالفاصِلُ بينهم: الكتابُ والسنةُ، قال تعالى:" يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر .. "الآية.
وكُلُّ من الصحابة الذين سكنوا الأمصار أخذ عنه الناسُ الإيمانَ والدينَ.
وأكثَرُ المسلمين بالمشرقِ والمَغْرِبِ لم يأخذوا عن علي شيئاً؛ فإنه ? كان ساكناً بالمدينة، وأهلُ المدينة لم يكونوا يحتاجون إليه إلا كما يحتاجون إلى نظرائه كعثمانَ في مثل قصة شاورَهم فيها عمر ونحو ذلك، ولمَّا ذهب إلى الكوفة كان أهل الكوفة قبل أن يأتيهم قد أخذوا الدين عن سعد بن أبي قاص وابن مسعود وحذيفة وعمار وأبي موسى وغيرهم ممن أرسله عمر إلى الكوفة.
وأهل البصرة أخذوا الدين عن عمران بن حصين وأبي بكرة وعبد الرحمن بن سمرة وأنس وغيرهم من الصحابة.
وأهل الشام أخذوا الدين عن معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وبلال وغيره من الصحابة.
والعباد والزهاد من أهل هذه البلاد أخذوا الدين عمن شاهدوه من الصحابة.
فكيف يجوز أن يقال: إن طريق أهل الزهد والتصوف متصل به دون غيره.وهذه كتب الزهد مثل: ((الزهد)) للإمام أحمد، و ((الزهد)) لابن المبارك ولوكيع بن الجراح ولهناد بن السري، ومثل كتب أخبار الزهاد كـ ((حلية الأولياء)) و ((صفوة الصفوة)) وغير ذلك فيها من أخبار الصحابة والتابعين أمور كثيرة.
وليس الذي فيها لعلي أكثر مما فيها لأبي بكر وعمر ومعاذ وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي ذر وأبي الدرداء وأبي أمامة وأمثالهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين)) انتهى.
ـ[أبوعبدالله وابنه]ــــــــ[29 - 05 - 08, 04:53 م]ـ
وقد ذكر ابن عبدالهادي في ترجمته المفردة لشيخه شيخ الإسلام أبي العباس أنَّ له قاعدة في لباس الخرقة هل له أصل شرعي أم لا.
وقد سئل رحمه الله تعالى سؤالاً مطولاً نصه: ((مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 3 / ص 34)
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ عَنْ قَوْمٍ مُنْتَسِبِينَ إلَى الْمَشَايِخِ: يتوبونهم عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَالسَّرِقَةِ؛ وَأَلْزَمُوهُمْ بِالصَّلَاةِ؛ لَكِنَّهُمْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ عَادَةِ الْبَادِيَةِ فَهَلْ يَجِبُ إقَامَةُ حُدُودِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ وَمَعَ هَذَا شِعَارُهُمْ الرَّفْضُ وَكَشْفُ الرُّءُوسِ وَتَفْتِيلُ الشَّعَرِ وَحَمْلُ الْحَيَّاتِ. ثُمَّ غَلَبَ عَلَى قُلُوبِهِمْ حُبُّ الشُّيُوخِ. حَتَّى كُلَّمَا عَثَرَ أَحَدُهُمْ أَوْ هَمَّهُ أَمْرٌ اسْتَغَاثَ بِشَيْخِهِ وَيَسْجُدُونَ لَهُمْ مَرَّةً فِي غَيْبَتِهِمْ وَمَرَّةً فِي حُضُورِهِمْ فَتَارَةً يُصَادِفُ السُّجُودَ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَارَةً إلَى غَيْرِهَا - حَيْثُ كَانَ شَيْخُهُ - وَيَزْعُمُونَ هَذَا لِلَّهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ
¥