تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَةً} وَمَنْ أَمْكَنَهُ الْهُدَى مِنْ غَيْرِ انْتِسَابٍ إلَى شَيْخٍ مُعَيَّنٍ فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى ذَلِكَ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ بِمَا أَمَرَهُ إلَّا بِذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَانٍ يَضْعُفُ فِيهِ الْهُدَى وَالْعِلْمُ وَالْإِيمَانُ وَالدِّينُ يُعَلِّمُونَهُ وَيُؤَدِّبُونَهُ لَا يَبْذُلُونَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِانْتِسَابِ إلَى شَيْخِهِمْ أَوْ يَكُونُ انْتِسَابُهُ إلَى شَيْخٍ يَزِيدُ فِي دِينِهِ وَعِلْمِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ لِدِينِهِ. وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ إلَّا لِتَفْرِيطِهِ وَإِلَّا فَلَوْ طَلَبَ الْهُدَى عَلَى وَجْهِهِ لَوَجَدَهُ. فَأَمَّا الِانْتِسَابُ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ خُرُوجٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ والائتلاف إلَى الْفُرْقَةِ وَسُلُوكِ طَرِيقِ الِابْتِدَاعِ وَمُفَارَقَةِ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ فَهَذَا مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ وَيَأْثَمُ فَاعِلُهُ وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَصْلٌ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لِرِضَا الْمَشَايِخِ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِمْ. فَهَذَا الْحُكْمُ لَيْسَ هُوَ لِجَمِيعِ الْمَشَايِخِ وَلَا مُخْتَصٌّ بِالْمَشَايِخِ بَلْ كُلُّ مَنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلَّهِ: يَرْضَى مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَيَسْخَطُ مَا يَسْخَطُ اللَّهُ كَانَ اللَّهُ يَرْضَى لِرِضَاهُ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ. وَمِنْهُ {قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ قَدْ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ صهيب وخباب وَبِلَالٍ وَغَيْرِهِمْ كَلَامٌ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ؛ فَإِنَّهُ مَرَّ بِهِمْ فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ السُّيُوفُ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا. فَقَالَ أَتَقُولُونَ هَذَا لِكَبِيرِ قُرَيْشٍ؟ وَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: لَعَلَّك أَغْضَبْتهمْ يَا أَبَا بَكْرٍ لَئِنْ كُنْت أَغْضَبْتهمْ لَقَدْ أَغْضَبْت رَبَّك أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُمْ: يَا إخْوَانِي أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَك يَا أَبَا بَكْرٍ}. فَهَؤُلَاءِ كَانَ غَضَبُهُمْ لِلَّهِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ. وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ}. فَهَذَا الْمُؤْمِنُ الَّذِي تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَحَبَّهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وَفِي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير