تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سلسلة طالب العلم (10) الرِّحلة يا طالب العلم؟؟؟

ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[11 - 09 - 05, 07:10 ص]ـ

سلسلة طالب العلم (10) الرِّحلة يا طالب العلم؟؟؟

حسام الدين بن سليم الكيلاني

[email protected]

الحمد لله على إِحسانه، والشّكرُ له عَلى توفيقِه وامتنانه، وأشهَد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ نبيّنا محمّدًا عبدُه ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابه.

ثم أمَّا بعد:

فإنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

كنت قد بدأت هذه السلسلة المباركة بمقالة حول (السند وطالب العلم اليوم) وتحدثت ببعض أسطرها عن رحلة العلماء لأجل تحصيل حديث أو حديثين، وأحببت الآن في هذه المقالة أن أفصِّل المقال في حال المرتحلين من الرجالِ وطلب الإسناد العالي.

فلقد عُرِفَ علماء المسلمين بحبهم للرحلة في طلب العلم والإسناد العالي، فنرى أحدهم يسافر من بلد إلى بلد ليجلس بين يدي أحد العلماء الكبار ليأخذ عنه حديثاً أو حديثين لا يجدهما عند غيره من العلماء، واقرأ كتاب (الرحلة في طلب الحديث) [يقول الشيخ أبو غدة رحمه الله تعالى عنه: وكتاب الرحلة للخطيب كتاب نافع مهماز للمتخلفين عن الرحلة، فاقرأه لعلك ترحل.] وهو كتاب رفيع القدر للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي ترى العجب العجاب من أمر علماء المسلمين، وشدّة حرصهم على العلم والإسناد العالي في الحديث الشريف.

ورحم الله أبا الفضل العباس بن محمد الخراساني إذ ينشد فيقول:

رحلتُ أطلبُ أصل العلمِ مجتهداً وزينة المرءِ في الدنيا الأحاديثُ

لا يطلب العلم إلا باذلٌ ذكرٌ وليسَ يُبغضُهُ إلا المخانيثُ

لا تُعجَبَنَّ بمالٍ، سوف تتركُه فإنما هذه الدنيا مواريثُ

اعلم أنَّ علوم الإسلام العظيمة لم تُدَوَّن على ضفاف الأنهار، وتحت ظلال الأشجار والأثمار، وإنما دونت باللحم والدم، وظمأ الهواجر، وسهر الليالي على السراج الذي لا يكاد يضيء نفسه، وفي ظل العرى والجوع وبيع الثياب، وانقطاع النفقة في بلد الاغتراب، والرحلة المتواصلة الملاحقة، والمشاق الناصبة المتعانقة، والصبر على أهوال الأسفار، وملاقاة الخطوب والأخطار، والتيه في البيد، والغرق في البحار، ولفقد الكتب العزيزة الغالية والأسفار، وحلول الأمراض والأسقام، مع البعد عن الأهل والزوجة والأولاد والدار، ومع فرقة الأقارب والأحباب والأصحاب وفقد الاستقرار، فما أثر كل ذلك في أمانة علم أهلها، وما نقص من متانة دينهم، وما وهن من قوة شكيمتهم، وما خضعتهم الضائقة الخانقة مع قوتها إلى قبول الذل والهوان.

يا طالب العلم ... أخي وحبيبي في الله ....

اعلم هداني الله وإياك أنَّ من خطب الحسناء لم يُغله المهر، وأنت طالب لنعيم الآخرة فدونك رياحين الجنَّة، فلقد قال حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إلى الجنَّة)) [حديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم].

يقول ابن الجوزى: " تأملت عجباً، وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه، ويكثر التعب في تحصيله، فإنَّ العلم لما كان أشرف الأشياء لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار، وهجر اللذات والراحة .. ".أهـ

ولذلك قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (مفتاح دار السعادة): " وأما سعادة العلم فلا يورثك إياها إلا بذل الوسع، وصدق الطلب، وصحة النية ".

فالمكارم منوطة بالمكاره، والسعادة لا يعبر إليها إلا على جسر المشقة،يقول الإمام مسلم في صحيحه: قال يحيى بن كثير: " لا ينال العلم براحة الجسم ".

وقد قيل: من طلب الراحة ترك الراحة.

حتى قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ: " حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار منه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراكه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير