تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(2) وحديث يراد به المذاكر، فإذا ذكرته عند أهل العلم لم يقبلوه منك حجة، وعبسوا في وجهك منكرين عليك فيشغلكم طلب هذا عن حفظ كثير مما يعنيكم من التفقه في حديث الأعلام الذين هم الأئمة؟.

ولو نبذتم هذا وأقبلتم على حديث أولئك خفّت مؤونتكم وأعنتم على حفظه والتفقه فيه.

ولا أحسب يعدل غداً إذا مُحصّنا وسُئلنا في الموقف بين يدي الله عن الحجة فيما سعينا فيه من أمر ديننا: إسناد فيه رجلٌ زائغٌ عَنِ الحق متهم، ولا إسناد فيه رجلٌ مجهولٌ عند أهل العلم، وإسنادٌ نَيِّرٌ ليس فيه من يُغمز في الدين قناتُه، ولا يُقْرع في اتباع السنن صفاتُه، وإن قلّ ذلك، قال الله تعالى: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ) (المائدة:100).

ولا تصعروا بخدودكم إلى ما يبرق حائد عن هذه الطريقة أو يرعد بفلان وفلان فإنكم إن لزمتموها تحرزوا بها الغاية القصوى التي فيه درك الآخرة والدنيا.

ولا يغرنَّكم لوثُ من أدبر عنها وتولى إعجاباً منكم بسرده عليكم الأباطيل التي لا متون لها تنبعث، ولا أجنحة لها تُقِل، فإن الطريق نهج، والمأخذ مما حذيتموه نحوه قريب.

واعلموا أن قد استشرفكم النهم، وقد شملنا زيغ الفتن، واستولت علينا غشوة الحيرة، وقارعنا الذل والصغار، لما نرى في أنفسنا وفي العامة والخاصة من سُخْنة العين وما يخاف أن يكون طبع على قلوبنا بالرين، وقد اختلط بالأئمة المأمونين من أهل العلم غير المأمونين على دين الله، وزاحمنا في صناعتنا معادن الأبن، ومن حشو شغاف قلبه على الإسلام والمسلمين الغل والإحن، ساعيا في إهلاك عباد الله والإدغال في دين الله، واتبع كل امرىء -إلا من عصم الله تعالى منهم وقليل ما هم- ما سولت له نفسه وزين له الشياطين على ألسنة أشياعها من الإنس من سوء عمله، فلا ذائد يذود عن مراتع الهلكة ولا دافع يردع من قدح في زند الفتنة، فأورى نار الضلالة، ولا ذو شفقة ينبه من غلبت عليه سنة الغفلة، ولا ناصح قد شرى نفسه لله، والذب عن دينه، وسنة نبيه، فيَسم خرطوم كلَّ ذي بدعة سمةً يشيدُ بها ذكره، ويعلن بها أمره، ويحتسب في ذلك على الله حسن مثوبته، لعل الله برحمته يريح الأمة من زيغه وفتنته.

اللهم وقد استحصد زرع الأهواء المضلة، وبلغ نهايته واستغلظ سوقه، واستحكم عمومه وخرف وليده، واستجمع طريده، واستوسق وتبحبح في الآفاق، وضرب بجرانه، وأنت يا ربنا أولى من خلف نبيك في أمته، بأحسن الخلافة وأحق من تداركها، إذ فضلتها على سائر الأمم في كتابك فقلت: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران:110) فأتح اللهم بنور وجهك والحسنى من أسمائك للأهواء المردية بدلا من إتباع الكتاب ونعش سنن الرسول ?، بإمرةٍ تصرع قائمه وتشهم سوقه، ولا تدع للأهواء التي لا ترضاها دعامة من رأس يعتمدونه إلا قصمتها، ولا ذا نباهة يستجنون بمنعته وجرأة جنانه بالإقدام على أهل الحق إلا أخملت ذكره، وأرحت منه عبادك، وطهرت من بليته بلادك، ولا تدع لها كلمة مجتمعة إلا فرقتها.

اللهم وكوّر شمس نهارها، وحط نوءها، وأمّ بالحق والسنة رأسها، وفُضَّ جيوش من افتتن بها، وأذعر قلوب أهلها، وأرنا أنصارها عباديد بعد ألفتهم لغير الله، وشتتْ ذات بينهم بعد اجتماع كلمتها على الضلالة، ومقنعي الرؤوس بعدما يرجون من الظهور، وأسفر لنا برحمتك عن نهار الحق، الذي بعثت عليه نبيك محمداً عليه السلام، وأرناه سرمدا لا ليل فيه، وأدِلْهُ ممن ناوأه حتى تجلي لنا عن غشوة الظلم، وبهم الحيرة، وتحيي به قلوبا ميتة، وتجمع به الأهواء المختلفة.

اللهم وقد عرفتنا من أنفسنا، وبصرتنا من عيوبنا، وما جنيناه اغتراراً وجهلا على أنفسنا، خلالا تقعد بنا عن اشتمال أجلنك، وحلاوة تحيتك، ونشر رحمتك، وتدارك أمة محمد نبيك، والإسعاف لفقرنا وفاقتنا، بالإجابة لدعائك، وأنت قديماً وحديثاً المتفضل على غير المستحقين، والمبتدىء بالإحسان بكرمك وجودك عن السائلين، فآتنا والعامة من أمة محمد ? كرمك وجودك وتفضلك وإحسانك، فإنك تفعل ما تشاء، وتحكم ما تريد، لا معقب لحكمك، ولا راد لقضائك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير