تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد لخص يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام الدرس لإخوته - ولا شك أن ما صنعوه معه أعظم من كل وجه وبلا مقارنة مع تعتبه-: (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)

** ** ** **

إخواننا استأثروا بشيء من الخير علينا فيما نظن بهم ...

هل ننصحهم بالأسلوب الذي نراه مؤثراً فيهم كما قال تعالى (وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً) وندعو الله لهم أن يزكي نفوسهم ويهديها ويصلحها ويردهم إلى الصواب، أم نحقد عليهم ونطلب التعاون على الوقوع فيهم؟، فهنيئاً لهم إذا تكفير خطيئة الاستئثار، وحذار من تعرضنا لاحتقاب الأوزار ..

ولم العناء وشغل القلب والبال ووقت النفس والغير وفي الصبر والتقوى سلوان و برد للقلب وراحة للنفس واستعلاء بالإيمان ووعد من الله بحسن العاقبة وهو الرزاق الكريم الذي يقسم رحمته بين عباده وحده، فلنثق بوعد الله سبحانه ..

ولا يكن همنا الانتصار لأنفسنا فيما فاتها من الحظ فنقع فيما ظننا وقوع إخواننا فيه من إيثارهم لحظ أنفسهم ويعيث الشيطان الرجيم وجنوده من الإنس والجن بيننا بالفساد والشر قولاً وفعلاً ...... فيؤول الحال إلى الغيبة والنميمة والتحريش بين الناس والحقد والغل والقطيعة والتدابر والتقاطع .. وهلم جراً وهذه الأمور تحلق الدين كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، ثم هي لا تشفي النفس ولا تروي غليلها ولا تطفئ نارها ..

وإنما تطمئن القلوب بذكر الله وتصديق وعده بحسن العاقبة للمتقين، وعظيم العوض للمحتسبين ...

** ** ** **

هذا كله لو كان الأمر ظلماً وبغياً وعدوناً من إخوانناً ..

فكيف لو كان الأمر محتملاً لغير ذلك مما يقتضي حسن الظن بالمسلم حمل أحواله عليه واستحضار المعاذير الصحيحة له ...

فكم هو جميل الجمع بين حسن الظن، فإن لم يكن فالتدرع بالصبر والتقوى مع ما من الله به علينا من الحرص على سماع الحديث النبوي وطلبه ولقاء حملته، فإن حسن الظن والصبر والتقوى من أهم ما اشتملت السنة النبوية عليه عملاً به وأمراً به ونهياً عن ضده،

ولا شك أن مما يحبه الإنسان لنفسه أن يحمل الناس تصرفاته على أحسن المحامل، وأنه إذا غلبته نفسه - وكلنا خطاء- فوقعت في خطأ فإنه يحب أن يُنصح في خفاء بحلم، ولله لا لحظ نفس ...

وأحسنت بتذكيرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)

** ** ** **

والحمد لله كتب السنة متيسرة مبذولة لا سلطان لأحد عليها، والشيوخ المتصدون لنشرها ولو بمحض الرواية كثر، ...

فما الذي سيفوت إذاً شيخ ما ينقص بعدم الأخذ عنه عدد تراجم معجم الشيوخ، أو مسموع معين يتقلص به ذكر المسموعات في ترجمته! فكان ماذا؟ ...

فليكن أولئك المحتكرون من الذين ألهاهم التكاثر والتباهي فبالله على أي شيء يُحسدون؟!، وهم أحق بأن يشفق عليهم ويدعى لهم لا بأن يُتسبب في إيغار صدورهم وتسليط الشيطان عليهم الموجب لمزيد من الاستئثار.

أوليس الاستئثار الواقع بين بعض الطلاب إنما هو في التكاثر لا في طلب العلم ولا في الأخذ عن أهله؟، والله الرحمن الرحيم أكرم الأكرمين لم يجعل العلم النافع والعمل الصالح وأسبابهما في حكم أحد من الناس يمنعهما عن عباده حتى لا يجدون إليها سبيلاً ..

فطلبُ التكاثر إذا وقعت العافية منه استراح المستأثر به والمعاتب عليه، وإلا فالصنفان كل منهما معذب بالآخر بما كسبت أيديهم من التلهي بما لم يلزمهم الله تعالى به واستبداله بما أمر الله تعالى به من العلم النافع والعمل الصالح والتعاون على البر والتقوى ..

جعلنا الله جميعاً من الذين يستعمون القول فيتبعون أحسنه ..

وإخوانك بانتظار درس عملي يتلقنونه منك إما في حسن الظن بإخوانهم في الدين وطلب العلم الشريف، أوفي حسن التعامل مع أخطاء الإخوان والتسامي عن تقصيرهم في بعض حقوق الأخوة ..

ولا أظنه يرضيك أن يتطور الأمر حتى يقال في مسلم يطلب السنة إنه لو وكل أمر الإسلام إليهم لم يصل إلى أقربائهم فضلاً عمن يأتي بعدهم!

فنحن بانتظار مبادرتك إلى تحويل وجهة الموضوع إلى مسار التناصح المحض الخالص الرفيق الهادئ كما ابتدأ فتحه وطلبت المشاركة فيه ... وأنت أهل لكل خير إن شاء الله جعلك الله فوق ما نظن ونؤمل بمنه وكرمه، وحفظك وسددك وبالحق أيدك.

والسلام عليك وعلى الإخوان أجمعين ورحمة الله وبركاته ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير