2 – حثُّ الألباني على قراءة كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وقرن ذلك بالحث على قراءة كتب ابن تيمية وابن القيم. قال في " تعليقة وشرحه للعقيدة الطحاوية " (ص33) على مسألة توحيد العبادة: (ومن شاء التفصيل فعليه بشرح هذا الكتاب. وكتب شيوخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن عبدالوهاب وغيرهم ممن حذا حذوهم واتبع سبيلهم] ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان [) اهـ.
فهذان نصان من كتب الشيخ الألباني – من بين عشرات النصوص – تنطقُ باعتراف الألباني بفضل الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – وأنه شيخ الإسلام فهل تتصور – أيها القارئ الموفق – أن الألباني بعد ذلك يطعن في عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، أو أنه ليس يتفق معه في أمور العقيدة؟
الجواب بكل تأكيد: لا.
إذن فلماذا حجب عنك الكاتب هذه النصوص مع أني قد اوقفته على شيء منها؟ إنه الهوى ..... لا أجد مبررا غير ذلك، وغن أردت شاهد صدق على ذلك فاسمع إلى قول العسكر: ونحن لا نطالبه – أي الألباني – بالانتساب لهذه الدعوة، لكن يمكن القول بأنها دعوة نافعة وموافقة للكتاب والسنة، وأنه يلتقي معها قلبا وقالبا " اهـ.
سبحان الله! لقد نطق الألباني بأكثر من ذلك حيث وصف الشيخ محمد بن عبدالوهاب بشيخ الإسلام، فيترى هل يرضي ذلك العسكر؟
إن ذلك موجود في كتب الألباني قديما وحديثا، لكنهم يعرفون ولا يريدون براءة الذمة فالله الموعد.
ثم إن ما نقله من شريط للألباني تكلم فيه الشيخ مع " رجل تبليغي " وذكر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وسماها بالوهابية. فأقول جوابا عن ذلك:
أ – الألباني يعيش في مجتمع يختلف تماما عن مجتمعنا، فجمهور الناس فيه لا يسموننا إلا " الوهابية ".
ب – الألباني في هذا الشريط في حال مناظرة، وقد علم أهل العلم أن أحوال المناظرة تختلف عن التقرير.
ولذلك لما تمسك المبتدعة بتأويل الإمام أحمد لصفة المجئ. قال أهل العلم في الرد عليهم: إنما تأولها في مناظرة الجهمية، ردا عليهم بلازم مذهبهم.
وقد استمعت إلى الشريط الذي جرى بين الألباني وبين أحد قادة جماعة التبليغ، فما خرجت إلا بأن الألباني يتنزل معه بناء على ما يعتقده هذا التبلغي. وإذا اردت أن تعرف صدق ما أقول فانظر إلى العبارات التي نقلتها عن الألباني سابقا في شأن الشيخ محمد بن عبدالوهاب واستمع إلى شريط للألباني بعنوان " اجتماع القلم والسيف " ويعني بالقلم قلم الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبالسيف سيف الإمام محمد بن سعود – لتعرف أن الألباني ينكر على من يسميها بالوهابية على وجه العيب والذم والتنقص.
وكن على ذُكر بأن الألباني لا يعرف المجاملات، وإنما هو غاية في الصراحة والتعبير عما في نفسه.
جـ - الألباني يعتقد ان انتسابه لأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد، لايصح، وإنما يأخذ من جميعهم ما وافق عنده الأدلة من الكتاب والسنة، ويعتمد في ذلك قول الأئمة أنفسهم: " إذا صح الحديث فهو مذهبي " و " ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم " وغير هذه من الأقوال. فإذا كان الألباني لا يرضى لنفسه أن يُنْسَبَ لأحد معين من هؤلاء الأئمة، فأمر طبيعي أن لا يرضى لنفسه أن ينتسب إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهو في هذا كله: يمدح هؤلاء الأئمة ويثني عليهم ويستفيد من علمهم، ويُحيل على كتبهم. وقد سبقه إلى هذا المنهج: الإمام الشوكاني، والإمام الصنعاني، وصديق حسن خان، وكلهم يحظى بثناء علماء الدعوة عليهم، لم يجعلوا ذلك قادحا فيهم. كما سيأتي في شرح قضية " التمذهب ".
وَزَعْمُ الكاتب في مقاله: أن الدولة السعودية ليست في حاجة إلى مدح الألباني؛ سفه كبير منه، فحسبه أن يعبر عن رأي نفسه، ولا يوهم القراء بأنه معبر رسمي عن وجهة نظر الدولة. ثم إن الله عز وجل يجب المدح والثناء، وهو الكامل سبحانه، فكيف بالمخلوقين؟؟ ثم إنا نعرف عن الدولة – وفقها الله – أنها تنشر في " الأخبار " الرسمية ما يمدحه بها أهل الصحف في الخارج؛ ليبينوا للناس أن محبة هذه الدولة وتقدير جهودها العظيمة محل اهتمام الناس عموما، فكيف لا تحب من عالم من علماء المسلمين أن يمدحها بالحق؟.
¥