تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (هود:118، 119).

ومنه ما هو غير فطري، بمعنى أنه ناتج عن نظر واجتهاد، كالخلاف في العقائد وأصول الدين وفروعه،

وهذا منه المقبول ومنه غير المقبول.

أولاً الخلاف المقبول (السائغ): وهو الخلاف الذي له أسبابه المعتبرة عند أهل العلم، ولم يخالف نصاً من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلي، ومثل هذا وقع بين الصحابة كثيراً، وينبغي أن تتسع له الصدور للخلاف السائغ في الأحكام، فلا نبدع ولا نفسق ولا نشدد، مع اعتقادنا أن الحق واحد، ومن اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716) عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-.

ومن أمثلة الخلاف المعتبر مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها وفي أمثالها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجرا لاجتهاده.

ومن ذلك الخلاف في جواز أخذ الأجر على تعليم كتاب الله أو على إمامة الصلاة أو الأذان ونحو ذلك.

والخلاف في فرضية أو سنية المضمضة والاستنشاق في الوضوء.

وكالخلاف في الطلاق البدعي هل يعتد به أم يلغى.

ومثله الخلاف في وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل أم لا.

ثانياً الخلاف غير السائغ:وهو المردود أو المذموم: وهو الذي يقوم على رد النصوص الصحيحة الصريحة، والعبث بالأدلة والأهواء والآراء الفاسدة، كمسائل العقيدة واختلاف الناس فيها وبعدهم عن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتفرقهم إلى فرق وأحزاب، ومثل هذا الخلاف لم يحصل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،ولم يكثر وينتشر إلا بعد القرون المفضلة.

حزب الله واحد، وهم السالكون على طريق الحق:

قال تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)} الأنعام

وقال سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} الأنعام

وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)} المائدة

وقال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)} النساء

وقال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)} المؤمنون

وجاء في الحديث الذي أخرجه أحمد (4437) والنسائي في الكبرى (11174) وصححه الألباني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ مُسْتَقِيمًا قَالَ ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ السُّبُلُ وَلَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ {وَأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}.

أسباب الخلاف غير المقبول:

(أ) الهوى.

قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (القصص:50)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير