صنف عطله ولم يقم له وزناً،وصنف بالغ فيه وجعله مصدراً للتشريع وقدمه على النقل الصحيح، حيث بنوا لأنفسهم ضلالات يسمونها تارة بالحقائق واليقينيات،وتارة بالمصالح والغايات التي تهدف النصوص إلى تحقيقها ـ وان لم تنص عليها ـ ثم يأخذون النصوص الثابتة والتي يسمونها بالظنيات , فيعرضونها على تلك الضلالات،فما وافقها قبلوه وما عارضها ردوه، اعتماداً منهم على قاعدة: اليقين لا يزول بالشك!! ا هـ
ومعلوم أن المعقولات لا تقع تحت ضابط، فما يثبت بالعقل يمكن نقضه بالعقل،لأن العقول تتفاوت وتتباين درجاتها ومستوياتها، ولا منجى من هذا إلا بالاعتصام بالوحيين. راجع: إتباع النبي صلى الله عليه وسلم في ضوء الوحيين ص 132،131،لفيصل بن علي البعداني،المطبوع ضمن كتاب المنتدى " حقوق النبي صلى الله عليه وسلم بين الإجلال والإخلال "
وراجع إن شئت كتابنا: سبيل المؤمنين في الرد على شبهات القرآنيين ص18 ط دار ابن عمر.
د- الاستناد إلي أصول غير أصول أهل السنة.
وذلك كالاستناد إلى أصول كأصول الفلاسفة والمنطقيين سواء كانوا أعجميين أو عرباً، وهذا المنطق وهذه الفلسفات موروثة لدى هؤلاء عن المنطق الأرسطي اليوناني القديم،وهو في خلاصته أسلوب جدلي كلامي عقلي يبني نتائجه على تصورات وأقيسه، أي تصور الغائب على الحسي المشاهد، لذلك
زلوا في العقائد والإلهيات،وأتوا بما لم يعرفه المسلمون، لذلك ذاعت الكلمة المشهورة: من تمنطق فقد تزندق. لأنه لا يتوصل بالمنطق إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة، فمصدرها الكِتاب والسُنة لا غير.
ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال: ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وإتباعهم لسان أرسطو. نقلا عن مقدمة كتاب الرد على المنطقيين للأستاذين د
محمد نصار،د
عماد خفاجي ص24 ط مكتبة الأزهر.
وقال شيخ الإسلام بن تيمية عن علم المنطق: لا يحتاج إليه الذكي، ولا ينتفع به البليد. انظر:الرد على المنطقيين لشيخ الإسلام ابن تيمية (1
53).
وثَم رواية أوردها السيوطي في كتابه (صون المنطق والكلام) تفيد أن الخلفاء من بني العباس اهتموا ـ بحسن نية ـ بترجمة علوم اليونان الأوائل،ولم يدركوا أن هذه العلوم الفلسفية ما دخلت على عقائد أمة إلا أفسدتها، ولذا يسوق السيوطي هذه الرواية بسند مطول كأنه يريد تأكيد صحتها،وهي تفيد أن خلفاء بني العباس ـ وبخاصة المأمون ـ كانوا يصانعون ملك الروم ويرسلون له الهدايا بواسطة رسلهم، حتى أصبح الأمر غير عادي، فظن الملك أن وراء هذا أمر هام، ففاتح رسول الخليفة في هذا الأمر، فأخبره انه يريد خزانة الكتب التي تشمل على علوم الأوائل لترجمتها إلى اللغة العربية، فأمهله الملك، وجمع بطارقته ليستشيرهم في الأمر، وكانت خزانة الكتب قد بنى عليها بناء محكماً حتى لا يتسرب أحد إليها فيستخرج ما بها فيعرفه القوم فتتزعزع عقائدهم، فأشار عليه كبير بطارقته بأن يدفع هذه الكتب إلى رسول الخليفة، لأنها وسيلة لإفساد عقائد المسلمين، قال الراوي:
فأخذها رسول الخليفة وهو بها فرح، وكتب المنطق في مقدمة هذه الكتب المهداة. نقلاً عن مقدمة الرد على المنطقيين ص7،6.
هـ - التعصب للرجال أو المذاهب أو الفرق أو الجنسيات والأعراق.
فمن الناس من يتعصب لعالم أو لشيخ أو لجماعة أو لعرق، ويرد الحق إن خالف ما عليه شيخه أو جماعته ونحو ذلك، قال الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام رحمه الله: «عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس. وإياك وآراء الرجال، وإن زخرفوه لك بالقول»
و- الجهل:
وذلك لأن العلم نور، فبه تفشو السنة،وتقمع البدعة،ويعبد الله على الوجه الذي يرضيه سبحانه،والعلم يحصل بالتعلم ومجالسة العلماء الربانيين، الذين هم حصون ودروع الأمة،وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم،فضلوا وأضلوا) أخرجه البخاري.
¥