(4) الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} النحل.
(5) الإخلاص في طلب الحق، قال الشافعي رحمه الله: " ما ناظرت أحدا قط على الغلبة ووددت إذا ناظرت أحدا أن يظهر الله الحق على يديه". المجموع للنووي (1/ 12)
وجاء عنه: (ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته) قواعد الأحكام 2/ 305.
ويقول ـ أي الشافعي ـ: «ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة» الفقيه والمتفقه (665).
وقال: «والله ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ» السابق.
[الأصل الثالث]
أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً، فبين الله هذا بياناً شائعاً كافياً بوجوه من أنواع البيان شرعاً وقدراً، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم فكيف العمل به.
الشرح:
قوله: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا" وهذا حق الحاكم وولي الأمر،لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59].
والسمع والطاعة بمعنى الانقياد والإذعان، ولذلك جاء السمع مع الطاعة في كتاب الله، فقال سبحانه: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:285] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا سمعنا وعصينا، وقولوا: سمعنا وأطعنا).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (على المسلم السمع والطاعة في منشطه ومكرهه وفي عسره ويسره)
قوله [ولو كان عبداً حبشياً] لما أخرجه أحمد (17144) وأبو داود (4607) وابن ماجه (42) والترمذي (2676) عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
وأخرج البخاري (7142) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ.
وليس هذا ذما للجنس الحبشي أو للون الأسود، فإن المسلمين تتكافأ دماؤهم وألوانهم، والله تعالى يقول: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} الحجرات.
والمعنى أنه لو استقر الأمر لأقل الناس فله حق السمع والطاعة، لما في ذلك من مصلحة اجتماع المسلمين وحفظ الدين وصيانة حوزة الأمة والملة.
الخروج على الحاكم من أكبر الكبائر:
وهذا هو ما عليه أهل السنة، ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والأهواء كالمعتزلة والخوارج ومن لف لفهم، ودار في فلكهم من أصحاب التكفير والتفجير، وإنما من حق الحاكم السمع والطاعة والنصيحة لقوله صلى الله عليه وسلم «الدِّينُ النَّصِيحةُ -ثلاثًا-، قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ».
وأخرج البخاري (7053) (7054) (7143) ومسلم (1849) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
¥