تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفاة الشيخ الحكيم عزيز الرحمن الأعظميّ المئويّ رحمه اللّه

ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[12 - 11 - 09, 01:38 ص]ـ

وفاة الشيخ الحكيم عزيز الرحمن الأعظميّ المئويّ رحمه اللّه


الشيخ الحكيم عزيز الرحمن الأعظميّ المئويّ رحمه اللّه

1336 - 1430هـ = 1918 – 2009م
في نحو الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس: 19/رمضان المبارك 1430هـ الموافق 10/ سبتمبر 2009م انتقل إلى رحمة الله العالم الديني والطبيب بالطبّ اليوناني العربيّ الشيخ الحكيم عزيز الرحمن القاسمي المئوي ابن الشيخ المحدّث محمد أيوب الأعظمي رحمه الله (1319 - 1404هـ = 1901 - 1984م) بوطنه "مئو ناث بهنجن" بولاية "أترا براديش" عن عمر يناهز 91 عامًا، فإِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

كان الشيخ يعاني عوارضَ الشيخوخة المتزايدة، ويقضى أوقاته معمورةً بالذكر والعبادة والأشغال العلميّة، إذ زلّ عن درجات السلم في بيته منذ أكثر من شهر، وظلّ يتلقى العلاج في بيته إذ جاءه الأجل المحتوم الذي لايُؤَخَّر.

كان رحمه الله عالماً مُتْقِنًا لمختلف العلوم؛ حيثُ أَعَانَه ذكاؤه الكبيرُ، وفطنتُه المُلْتَقِطَةُ، وذاكرتُه القويَّةُ على استيعاب ما تَمَكَّنَ من العلوم والفنون؛ فكان يُتْقِن إلى جانب علوم الشريعة، الأرديَّةَ والفارسيَّةَ والإنجليزيَّةَ، والطبَّ اليونانيَّ العربيَّ، الذي يُعْرَف في الديار الهندية بـ"الحكمة" ويُعْرفَ الطبيبُ بالطبّ اليوناني بـ"الحكيم" وكان يكتب الأرديَّةَ رشيقةً مُرْسَلَةً ككُتّابها البارعين، ويقول الشعرَ بالأرديَّة والفارسيَّة ويُتَرْجِم من الإنجليزيَّة والفارسيَّة إلى الأرديَّة ترجمةً سلسلةً، فلا يَتَفَطَّن القارئُ أنّها ترجمةٌ، وإنّما كان يظنّ أنّها لغة أرديَّة أصيلة أَنْشَأَها صاحبُها في عذوبة وروعة.

ورغم أنّه لم يكن من العلماء المعروفين الذين يقدر لهم الله عزّ وجلّ لحكمة يعلمها سمعةً واسعةً وصيتًا ذائعًا، عن طريق أسباب يتيحها لهم؛ ولكنّه كان يتمتع بصفات تنحت من الإنسان "إنسانًا كبيرًا" فكان على جانب كبير من مكارم الأخلاق، وكان قلبه زكيًّا صافيًا شفَّافًا كالمرآة من النوع الممتاز، وكان ذكيًّا فَطِنًا ذا روح خفيفة، يستقبل كلَّ صغير وكبير بوجه طليق، وهشاشة بالغة كأنه كان ينتظره، وكان ذا مؤهّلات علميّة مُتَنَوِّعة حازها بجدّه وذكائه وموهبته الطبيعيّة، وبفضل بيئته العلميَّة، وبيته الذي تَوَارَثَ العلمَ كابرًا عن كابر؛ فوالده الشيخ محمد أيوب الأعظميّ كان محدثاً كبيرًا وعالماً صالحاً على سيرة العلماء السلف الزاهدين؛
وأخوه الأوسط الشيخ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي رئيس تحرير مجلة "البعث الإسلامي" ومدير دارالعلوم ندوة العلماء – لكهنؤ بالهند، أحد العلماء الأجلاء وكبار أدباء العربية والكُتّابين المعدودين على الأصابع في شبه القارة الهنديّة، وصاحب أسلوب أدبيّ فريد يجمع بين السلاسة والجزالة والشموخ الرصانة، ويشفّ عن الروح الفكريّة الدعوية العلمية العميقة، يُعْرَف به وينتمي إليه؛ وأخوه الأصغر سعادة الأستاذ مسيح الرحمن حامل شهاداتِ مؤهلات علميّة عالية من الجامعات العصرية، ومُثَقَّف بالثقافة العصريّة، ويعمل أستاذًا بكليّة عصريّة.

كان الفقيد الغالي لايَمَلّ مجلسَه أيٌّ من الجالسين إليه، مهما طال؛ لأنّه كان يكون مجلسَ علم وأدب، ومجلسَ تبادلِ فكرٍ ورأيٍ، وتقاسمِ سرورٍ وأحزانٍ، وتَفَاكُهٍ حلال، ينبسط فيه كلُّ أحد لأخيه، ويستأنس أعضاؤه كلٌّ بآخر، كأنّه أخوه الشقيق، وقريبُه المواسي، ومتعارفه المخلص.

لم يكتفِ رحمه الله بما اكْتَسَبَه من العلوم خلال تعلُّمه في المدارس والجامعات الإسلاميّة التي انتظم في سلكها التعليمي، وإنما دَفَعَتْه رغبتُه في الدراسة إلى اجتياز امتحانات اللغة الإنجليزيّة والعلوم العصريّة في بعض الكلّيات الحكوميّة العصريّة، وظلّ حريصًا على بناء الذات، وصقل مواهبه، والتوسّع في الدراسة؛ فتَخَرَّجَ عالماً مُتَنَوِّعَ الثقافة، مُتَفَتِّحَ الذهن، ثاقبَ الفكر، واسعَ الأفق، كلّ من جلس إليه آنس فيه مزيّةَ عالم جامع، وعَلِمَ أنّه ليس مجرد مُثَقَّف قليل البضاعة، ضيّق الأفق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير