تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقيل: انه لما حضرته الوفاة سئل عن تخلفه عن المسجد، وكان تخلفه سبع سنين قبل موته، فقال: لولا أنى في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، ما أخبرتكم بسلس بولي، فكرهت أن آتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرهت أن أذكر علتي فأشكو ربى،

وقيل: كان اعتراه فتق من الضرب الذي ضربه، فكانت الريح تخرج منه، وقال: انى أوذي المسجد والناس، والأصح أن ضربه كان في خلافة أبى جعفر المنصور من العباسيين لا في أيام الرشيد، والأشهر أن جعفر بن سليمان هو الذي ضربه في ولايته الأولى على المدينة،

وأما وفاته فقد قال الإمام أبو عمر بن عبد البر: ولم يختلف أصحاب التواريخ من أهل العلم بالخبر والسير، أن مالكا رحمه الله تعالى توفى سنة تسع وسبعين ومائة، وكان ذلك يوم الأحد، لتمام اثني عشر يوما من ربيع الأول، وقيل: سنة ست وسبعين بتقديم السين على التاء ومائة،

والمعروف الأول كما مر لابن عبد البر، والقاشانى وغيرهما، واليهما الإشارة بقول العلامة أحمد المغربي بقوله:

قد رمز الشيخ الإمام الماهر وفاة مالك بقول ظاهر

وذاك قعط غير أن لا تورية فيه ولا إشارة لتعميه

فقلت: لما أن رأيت ذلك تاريخه قولك فاز مالك

ودفن رضي الله عنه بالبقيع، وعليه قبة والى جانبه قبر لنافع، قال السخاوى: إما نافع القاري، أو نافع مولى ابن عمر، وأشار بقوله: أن لاتورية إلى أنه لم يرد معنى هذا اللفظ الذي هو في ((قعط)) فانه من معانيه الشر، والتضييق، والغضب، وشدة الصياح، والكشف، والطرد، وغير ذلك، ولم يرد شيئا لا صريحا ولا تلويحا، وأحسن منه ما قاله المغربي كقول بعضهم:

فنعمان (عف) مالك (قطع) حجة وللشافعي (رد) (أمرا) بن حنبل

وأسوأها قول بعضهم:

تاريخ نعمان يكن (سيف) سطا مالك في جوف (قطع) ضبطا

والشافعي حين (ببر) ند وأحمد بسبق أمن جعد

وقد قيل: أنه توفى صبيحة أربعة عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة، في خلافة هارون، وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، وكان أمير المدينة، واليا عليها لهارون، صلى عليه في موضع الجنائز، ومشى في جنازته، وحمل نعشه، ودفن بالبقيع،

وكان يوم مات ابن خمس وثمانين سنة، وهذا يوافق القول بأن ولادته سنة أربع وتسعين، وقال الواقدى: مات وله تسعون سنة،

وروى ابن عبد البر أيضا بسنده إلى مصعب بن عبد الله الزبير أنه قال: أنا أحفظ الناس لموت مالك، مات في صفر سنة تسع وسبعين ومائة، قال ابن سعد: وأخبرني معن بن عيسى بمثل ذلك، قال: رأيت الفسطاط على قبر مالك، ويرى أن الإمام مالك لم يقل من الشعر غير هذين البيتين:

درّج الأيام تندرج وبيوت الهم لا تلج

ربّ أمر عزّ مطلبه قربته ساعة الفرج

وبلغ كفنه دنانير، وقد قيل: انه اجتمع في تركته ثلاثة آلاف دينار وثلاثمائة دينار وزيادة،

وأما ما قيل فيه بعد موته، وما رثاه به الناس، فقد قال القاضي عياض في المدارك: رأى عمر بن سعد الأنصاري ليلة مات مالك قائلا يقول:

لقد أصبح الإسلام زعزع ركنه غداة ثوى الهادي إلى ملحد القبر* لدى

إمام الهدى ما زال للعلم صائبا عليه سلام الله في آخر الدهر

وقد رثاه بعض أهل المدينة بأبيات، وتنسب إلى ابن أبى العافي بقوله:

ألا إن فقد العلم في فقد مالك فلا زال فينا صالح الحال مالك

فلولاه ما قامت حقوق كثيرة ولولاه لانسدت علينا المسالك

يقيم سبيل الحق سرا وجهرة ويهدى كما تهدى النجوم الشوابك

عشونا إليه نبتغى ضؤ ناره وقد لزم العىّ اللجوج المماحك

فجاءه برأي مثله يقتدي به كنظم جمان زينته السبائك

ورثته امرأة فقالت:

بكيت بدمع واكف فقد مالك ففي فقد ضاقت علينا المسالك

ومالي لا أبكى عليه وقد بكت عليه الثريا والنجوم الشوابك

حلفت بما أهدت قريش وجللت صبيحة عشر حين تقضى المناسك

لنعم وعاء الفقه والعلم مالك إذا عز مفقود من الناس هالك

ورثاه أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج بقوله:

سقى جدثا ضم البقيع لمالك من المزن مرعاد السحائب مهراق

إمام موطأه الذي أطبقت به أقاليم في الدنيا فساح وآفاق

أقام به شرع النبي محمد له خفر من أن يضام وإشفاق

له سند عال صحيح وهيبة فللكل منه حين يرويه إطراق

وأصحاب صدق كلهم علم فسل بهم إنهم إن أنت سايلت حذاق

ولو لم يكن إلا ابن إدريس وحده كفاه سوى أن السعادة أرزاق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير