تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ورحل يحيى بن يحيى إلى مالكٍ وهو صغير , وسمع منه وتفقه بالمدنيين والمصريين من كبار أصحاب مالك , وكان مالكٌ يعجبه سمته وعقله , وروي أنه كان يومًا عند مالك في جُمْلَةِ أَصْحابِهِ , إذا قَالَ قَائِلٌ: قد حضر الفِيل فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه , فقال له مالك: لم لا تخرج فترى الفيل؟ لأنه لا يكون بالأندلس! فقال له يحيى: إنما جِئْتُ من بلدي لأنظر إليك , وأتعلم من هَدْيِك وعِلْمِك , ولم أجيء لأنظر إلى الفيل , فَأُعْجِب به مالك , وسمّاه عاقل أهل الأندلس , وانتهت إليه الرياسة في العلم بالأندلس.

قال محمد بن رافع: كنت مع أحمد وإسحاق عند عبد الرَّزاق , فجاءنا يوم الفطر فخرجنا مع عبد الرَّزاق إلى المصلى ومعنا ناس كثير , فلما رجعنا دعانا عبد الرَّزاق إلى الغداء ثم قَالَ لأحمد وإسحاق رأيت اليوم منكما عجبًا لم تكبرا! فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكر كنا ننتظر هل تكبر فنكبر؛ فلمّا رأيناك لم تكبر أمسكنا , قَالَ: وأنا كنت أنظر إليكما هل تكبران فأكبر.

قَالَ أبو حاتم الرازي: كان ابن المديني علمًا في النَّاس في معرفة الحديث والعلل , وكان أحمد بن حنبل لا يسميه؛ إنما يكنيه تبجيلا له , ما سمعت أحمد سمّاه قط.

ولا بد أن يكون طالبُ العلم عفيفًا , متغافلًا عمّا في أيدي النَّاس ليصون علمه ويحفظه.

قَالَ الفضل بن عمر النَّسوي: كنت بجامع صور عند الخطيب -البغدادي , فدخل عليه عَلَويٌ وفي كُمِّه دنانير فقال: هذا الذَّهب تصرفه في مهماتك , فقطب الخطيب وقال: لا حاجة لي فيه , فقال: كأنك تستقله! ونفض كمه على سجادة الخطيب , وقال: هي ثلاث مائة دينار , فخجل الخطيب وقام , وأخذ سجادته وراح , فما أنسى عِزَّ خروجه , وذُلَّ العَلَوِيِّ وهو يجمع الدَّنَانير 0

وهذا ابن أبي الطَّيب العلامة المفسر , حمل إلى السَّلطان محمود بن سبكتكين ليسمع وعظه , فلما دخل جلس بلا إذن , وأخذ في رواية حديثٍ بلا أمر , فتنمر له السُّلطان , وأمر غلامًا فلكمه لكمةً أطرشته , فعرَّفه بعضُ الحاضرين منزلته في الدِّين والعِلم , فاعتذر إليه وأمر له بمالٍ فامتنع , فقال: يا شيخ إن للمُلك صولة , وهو محتاج إلى السياسة , ورأيت أنك تعديت الواجب , فاجعلني في حِلٍّ , قَالَ: الله بيننا بالمرصاد , وإنما أحضرتني للوعظ وسماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وللخشوع , لا لإقامة قوانين الرئاسة , فخجل الملك , واعتنقه.

وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: كان عطاء بن أبي رباح عَبدًا أسودًا لامرأةٍ من أهل مكة , وكان أنفه كأنه باقلاة , قَالَ: وَجَاءَ سُليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابناه , فجلسوا إليه وهو يصلي , فلما صلى انفتل إليهم , فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج , وقد حول قفاه إليهم , ثم قَالَ سُليمان لابنيه: قوما , فقاما , فقال: يا ابني لاتنيا في طلب العلم , فإني لا أنسى ذُلَّنا بين يدي هذا العبد الأسود 0

جاء ابن لسليمان بن عبد الملك , فجلس إلى جنب طاووس , فلم يلتفت إليه فقيل له: جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه! قَالَ: أردت أن يعلم أن لله عبادًا يزهدون فيما في يديه.

[من "كتاب العبادة واجتهاد السلف فيها" للشيخ]

http://www.salahmera.com/modules.php?name=News&file=article&sid=23

ـ[أبو تراب السلفي]ــــــــ[23 - 09 - 05, 02:28 ص]ـ

للرفع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير