صورة إجازة فريد العصر الأُستاذ الهمام الأثري الشيخ عبد الرزاق البيطار لعلاَّمة الشام جمال الدين القاسمي
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[10 - 06 - 10, 02:12 ص]ـ
يقول الجمال القاسمي:" صورة إجازة فريد العصر الأُستاذ الهمام الأثري، صفينا الشيخ عبد الرازق البيطار [1]:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رفع منار الكتاب والسنة، وأوسع بهما على هذه الأمة جزيل المنة، وكشف عن محيا الملة المحمدية بهما حجاب الغمة، وعطف عليها بوافر نواله، وأكمل لها الفضل وأتمه، أحمده على أن أعلا قدر أهل علومه في كل زمان، وأولاهم ما أولاهم من جليل الإحسان، وجميل الامتنان، وأظهرهم على الحق ببراهين السنة والكتاب، ونظمهم في سلك أحبابه، وعصمهم عن الميل عن نهج الصواب.
فهم المؤيدون بالاستدلال بدلائل الملة السمحة والشريعة الغراء، والمقيدون بقيد الآيات القرآنية، وأحاديث سيد الأنبياء، والمتقلدون بقلادة المسانيد الشريفة، وأخذها عمن لهم إذن وإجازة، والمتفردون دون غيرهم باتباعهم لمن عرفوا طريقه فجازوا مجازه، فلا يعتمدون غير الوارد من الأقوال، ولا يستندون في نقلهم إلا لمن له في ذوي الكمال اتصال، وإن ذلك لمن أهم الأمور التي اعتبرها أهل الحديث، وأجل الشروط التي لم يعترها لديهم تنقيب، ولا تبحيث.
والصلاة والسلام على من أوجد الله له هذا الوجود (قال العجمي: " هذا كلام فيه نظر، ولا دليل عليه من كتاب أو سنة أو أثر")، وأفاض به على العالمين سوابغ المنن، ونوابغ الجود، سيدنا محمد الذي أوتي السبع المثاني والقرآن العظيم، وأسرى به الملك الجليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في الليل البهيم، وخاطبه بما يدل على رفعة قدره على الخلق أجمعين بقوله؛ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء: 107]، وعلى آله الذين طهرهم من كل عيب تطهيراً، ونزههم بلا ريب وأعدَّ لهم جنة، وحريرا، وأصحابه السادة المستوين على عرش الاقتداء، والمتصفين بكمال الاتباع، والمحتوين على شريف كمالاته، فهم أصدق متبع وأرفق داع، وعلى التابعين وأتباعهم، ما لمعت بوارق السنة، وسطعت أسنة النصر، صلاةً وسلاماً لا يحيط بهما عد ولا حد حصر.
أمَّا بعد: فإن العلوم كثيرة، والنافع منها دلى الله يسيرا؛ والرسوم عزيزة، وليس لنا سوى ما رسمه السيد البشير، فالسعيد كل السعيد من أقبل عليه كل إقباله، وقصر عليه جليل أفكاره، وجميل مآله، ألا وهو علم الشريعة المطهرة التي هي القرآن والحديث، المنوه بشأنهما، والمعمول بهما وجوباً في القديم والحديث، إذ بهما كمال الترقي إلى أوج التأديب، وتمام التوقي مما يوجب التنقيب والتهذيب، فهما نور العيون، وضياء ظلمة القلوب، وهما الوصلة العظمى بين الرب والمربوب.
ولذلك لم تزل أكابر العارفين يبذلون في تطلبها نقد حياة المهج، وأفاخر العلماء العاملين يخوضون في العمل بهما بحجج البحور وبحور اللجج، حتى أصبحت لديهم مناهج هذه المقاصد المحمدية سهلة الوصول، ومدارج هذه المعارج الأحمدية جامعة بين الأمل والمأمول.
فهؤلاء هم الذين كشف الله عن عين بصائرهم الحجاب، وسلكهم مسالك الوصول إلى دائرة الحق، ونقطة الصواب، وانكشفت لهم حقائق الوقوف على خير العمل، وانقادت لهم صعاب الأماني وحصل لهم منتهى الأمل، وسلموا من تسليم زمام دينهم لغير مَنْ أمرهم بارئهم بالتسليم إليه، وعلموا أن الاعتماد عليه فوز بالسعادة لديه.
فلذا لم يتحركوا بحركة إلاَّ ولهم شريعة العمل بها شهودٌ عدولٌ، ولم يقولوا بمسألة إلاَّ وقد ثبت فعلها عن أشرف رسول، أليس يقول من لا إله إلا هو: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].
أيظن حينئذٍ ظانٌ أن يُفلح أحدٌ بعمل دليله القيل والقال، أو ينجح بتركه للأصلين، وتمسكه بذيل البحث والجدال، أين هو من قول من أنزل القرآن، وكلم موسى تكليما؟
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65].
¥