و أتى بغداد في هذه الأثناء سائحٌ من علماء الهند يسمى الشيخ يوسف الخانفوري و حلّ ضيفاً عندنا و كان عالماً متخصّصاً في كثير من الفنون فقرأت عليه علم الحديث و علم أصول الحديث و قرأت عليه الصحاح الستّ و غيرها على طريقة تعلمها لدى أهل الهند و أجازني بأعلى أنواع الأجازات و أقواها و بواسطته كتبت إلى أحد علماء الهند الكبار المدعو بشمس الحق آبادي شارح سنن أبي داود و غيرها فأتتني منه الأجازات و قرأت على الشيخ يوسف المذكور كثيراً من التفسير و أصوله.
ثمّ لما انتقلنا إلى البصرة اجتمعت في ناحية الزبير بالعالمين الفاضلين الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي و الشيخ محمد بن عوجان فقرأت على الأخير منهما الفقه والفرائض على مذهب الإمام أحمد بن حنبل و الحساب و نقلت عنه من كتب الفرائض شيئاً غير يسير، و قرأت على الشيخ محمد الشنقيطي السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية، و تلقيت عنه منظومات في هذا الفن و نقلتها بقلمي و قرأت عليه كتباً من أصول الحديث و شيئاً غير يسير من علم أنساب العرب و نقلت عنه منظومة في أنساب العرب بقلمي لأحد علماء ..... و قرأت عليه بعض كتب الأدب واللغة و كان غزير المادة في الأدب العربي و اللغة العربية و النسب العربي، ما رأت عيني من يحاذيه في هذه الفنون و لأ أظن بيتاً من بيوت الشعر الجاهلي لا يحفظه، لأنك لا تأتيه ببيت من الشعر الجاهلي إلا و أعلمك بقائله و سرد لك القصيدة التي هو منها و ترجم لك حياة قائلها.
أما التأليف فلم أؤلف شيئا يلفت الأنظار إلا أن لدي ألفية للحافظ العراقي في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام لم أقف على شرح عليها فشرحتها شرحاً لطيفاً في مجلد، و عندي منظومتان لبعض فضلاء المغرب أحداهما في غزوات المصطفى عليه الصلاة والسلام و أخرى في بعوثه و قد شرحتهما أيضاً. و لي رسالة أسميتها الإصابة في استحباب تعليم النساء الكتابة [ألفها الشيخ و عمره ستة عشر سنة! بل هي ردّ منه على شيخع الآلوسي كما ذكر ذلك الدكتور السامرائي]، وقد شرعت في وضع تاريخ لناحية الزبير، و قد جمعت تراجم لبعض الفضلاء الذين لم تدوّن تراجمهم و هي كثيرة مفرقة في أوراق سأرتبها إن شاء الله تعالى و اسميها ..... و ستكون في مجلد أو تزيد عليه. و قد جمعت مجموعاً كبيراً في أشعار العامّة من اهل البادية والحاضرة المسمّى في هذه الأطراف بالشعر النبطي، و أسميت هذا المجموع بـ (الزهر الملتقط من شعر النبط) و سيكون في عدة أجزاء
[توجد مؤلفات غيرها في ما وجد في تركته].
و صار لي ولع شديد في نقل الكتب فنقلت بقلمي لنفسي ما يناهز الثمانين ما بين كتاب و رسالة ...............................
[لم يوقف على بقية لهذه المخطوطة]))
و قد حصل اجازاته في الحديث و اصوله و التفسير و هو لم يكمل العشرين سنة. و بعضها محفوظ نصّه في مكتبة الشيخ محمد العسافي رحمه الله. وكان صاحب خطّ جميل فكان ينسخ الكثير من الكتب و يخطّها.
رحلاته و اعماله:
و قد تنقل رحمه الله في كثير من البلدان حتى أنه وصل إلى الهند و سكنها لسنين عدة طلباً للعلم، و اشتغل في غير مكان أيضا بالإمامة والخطابة و التدريس و الوعظ في بغداد و الزبير البصرة و قد درّس في مدرسة الدويحس الدينية في الزبير و في جامع العادلية. و ذكر الباحث د. علي أباحسين في مقال له أن الشيخ تولى خطبة الجمعة في جامع النجادة في الزبير بدون مرتب بعد وفاة الشيخ محمد بن جامع و حتى دخول رمضان في سنة 1335 هـ، و ذكر أيضا في مقال آخرً أنه كان يؤم المصلين حتى إعادة بناء الجامع.
و ذكر كتاب أمارة الزبير بين هجرتين في حديثه عن الشيخ: "فانيطت به وظائف التدريس في الرحمانية بالبصرة و الإمامة و الخطابة في جامع العرب و الوعظ بجامع ذي المنارتين و كلها بالبصرة فقام بمجموعهما خير قيام دلّ على خبرة و علمٍ وفير، و في سنة 1366هـ أسندت إليه إدارة مدرسة الدويحس بالزبير و مدرساً فيها "
و عندما عطلت الدراسة في معهد الدويحس سعى الشيخ محمد لأهالي الزبير لإعادة فتحها، فاستؤنفت الدراسة فيها و عيّن الشيخ محمد الحمد العسافي فيها و عيّن أيضاً الشيخ عبد الله بن محمد الرابح.
و كان رحمه الله منذ نعومة اظفاره يؤم المسلمين و يخطب الجمعة.
مؤلفاته:
¥