{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} وأَفضلُ السلف بعد رسول اللّه- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- الصحابةُ الذين أَخذوا دينهم عنه بصدق وإخلاصٍ، كما وصفهم اللّه تعالى في كتابه العزيز، بقوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} ثمَ الذين يلونهم من القُرون المفضلة الأولى؛ الذين قال فيهمِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «خَيْرُ النَّاس قَرْنِي، ثُم الَذينَ يَلونَهُمْ، ثُمَّ الَذِينَ يَلُونهُمْ» ولذا؛ فالصَّحابة والتابعون أَحق بالاتباع من غيرهم، وذلك لصدقهم في إيمانهم، وإخلاصهم في عبادتهم، وهم حُرَّاس العقيدة، وحُماة الشريعة العاملون بها قولا وعملا، ولذلك اختارهم اللّه تعالى لنشر دينه، وتبليغ سُنَّة نَبيِّه صلى الله عليه وسلم.
قال النَّبِيُ صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم:
«تَفْتَرقُ أمَتِي عَلَى ثَلاَث وَسَبْعِينَ ملة؛ كُلهُم في النارِ، إِلا مَلّة وَاحِدَة» قالوا: مَن هي يا رسول اللّه؟ قال: «مَا أَنَا عَلَيْه وَأصْحابي» ويُطلق على كلِّ من اقتدى بالسَّلف الصالح، وسار على نهجهم في سائر العصور " سَلَفِيّ " نسبة إِليهم، وتمييزا بينه وبين من يخالفون منهج السَّلف ويتبعون غير سبيلهم.
قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ولا يسع أَي مسلم إِلا أَن يفتخر بالانتساب إِليهم. ولفظ " السَّلفيَّة " أَصبح علما على طريقة السلف الصَّالح في تلقي الإِسلام وفهمه وتطبيقه، وبهذا فإنَّ مفهوم السَّلفيَة يطلق على المتمسكين بكتاب اللّه، وما ثبت من سُنَّة رسول اللّه- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- تمسكا كاملا بفهم السَّلف.
تعريف أهل السنة والجماعة
السُّنة في اللغة:السنَة في اللغة مشتقة من: سَن يَسِن، ويَسُن سَنّا، فهو مَسْنُون. وسَن الأمرَ: بَينَه.
والسَنَة: الطريقةُ والسِّيرة، محمودة كانت أَم مذمومة.
ومنه قول النَّبِي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم:
«لَتَتَبِعُنّ لسَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرا بِشِبرْ وذِراعا بِذِراع» أَي: طريقتهم في الدِّين والدنيا.
وقوله: «مَنْ سنّ في الإسلاَمِ سنَةَ حَسَنه فَلَهُ أَجْرُها وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بهَا منْ بَعْدِه؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْءٌ، ومَنْ سنَّ في الإِسلام سُنَّة سيئة» - أَي: " سيرة. . . الحديث "
السنة في الاصطلاح
الهديُ الذي كان عليه رسول اللّه- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- وأَصحابه، علما، واعتقادا، وقولا، وعملا، وتقريرا. وتُطلق السّنَة أَيضا على سُنَنِ العبادات والاعتقادات، ويقابل السنَّةَ: البدعة.
قال النَّبِيُّ صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «فإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدي فَسَيرى اخْتلافا كَثيرا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسنّتي وسُنّةِ الخلَفَاءِ المَهْدِيينَ الرَّاشِدين» الجماعة في اللغة:
المحيط: مادة «سنن».
صحيح سنن أبي داود: للألباني.
(مأخوذةٌ من الجمعِ، وهو ضمُ الشيءِ، بتقريبِ بعضِهِ من بعضٍ، يُقال جَمعتُهُ، فاجْتَمَعَ).
ومشتقة من الاجتماع، وهو ضد التفَرُّق، وضد الفرْقَة.
والجماعة: العدد الكثير من النَّاس، وهي أَيضا طائفة من الناس يجمعها غرض واحد.
والجماعة: هم القوم الذين اجتمعوا على أَمرٍ ما.
الجماعة في الاصطلاح:
جماعة المسلمين، وهم سَلَفُ هذه الأُمة من الصحابة والتابعين ومن تَبعهُم بإِحسان إِلى يوم الدِّين؛ الذين اجتمعُوا على الكتاب والسَنَة، وساروا على ما كان عليه رسول اللّه- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- ظاهرا وباطنا.
وقد أَمرَ اللّهُ تعالى عباده المؤمنين وحَثَّهم على الجماعة والائتلاف والتعاون ونهاهم عن الفرقة والاختلافِ والتَناحر، فقال:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وقال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} وقال النَبِي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم:
«وَإِن هَذهِ الملة سَتفْتَرقُ عَلَى ثَلاث وَسَبعين، ثِنْتانِ وَسَبعونَ في النَّار، وَوَاحِدة في الجنة، وَهي: " الجماعَة» (1) وقال: «عَلَيْكُمْ بالجَماعَة، وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيطانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِن الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَمَنْ أَرَاد بُحْبُوحَةَ الجنة، فَلْيَلْزَم الجَمَاعَة» (2) وقال الصحابي الجليل عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: (الجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ الَحَقّ، وَإِن كُنْتَ وَحْدَكَ) (3)
فَأهلُ السُّنَّةِ والجماعة:
هم المتمسكون بسُنٌة النَّبِيِّ- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- وأَصحابه ومَن تبعهم وسلكَ سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل، والذين استقاموا على الاتباع وجانبوا الابتداع، وهم باقون ظاهرون منصورون إِلى يوم القيامة فاتَباعُهم هُدى، وخِلافهم ضَلال.
والبقية تأتي بإذن الله
¥