وقد صده اشتغاله بذلك عن المهم من العلم فهم كما قال الحطيئة: زوامل للأخبار لا علم عندها بمثقلها إلاّ كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعير إذا غدا بأوساقه أوراح في الغرائر ثم ترى منهم من يتصدر بإتقانه للرواية وحدها فيمد يده إلى ما ليس من شغله فإن أفتى أخطأ وإن تكلم في الأصول خلط.
ولولا أني لا أحب ذكر الناس لذكرت من أخبار كبار علمائهم وما خلطوا ما يعتبر به ولكنه لا يخفى على المحقق حالهم.
فإن قال قائل: أليس في الحديث منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا.
قلت: أما العالم فلا أقول له اشبع من العلم والا اقتصر على بعضه.
بل أقول له: قدم المهم فإن العاقل من قدر عمره وعمل بمقتضاه وإن كان لا سبيل إلى العلم بمقدار العمر غير أنه يبني على الأغلب.
فإن وصل فقد أعد لكل مرحلة زاداً وإن مات قبل الوصول فنيته تسلك به.
فإذا علم العاقل أن العمر قصير وأن العلم كثير فقبيح بالعاقل الطالب لكماله الفضائل أن يتشاغل مثلاً بسماع الحديث ونسخه ليحصل كل طريق وكل رواية وكل غريب.
وهذا لا يفرغ من مقصوده منه في خمسين سنة خصوصاً إن تشاغل بالنسخ.
ثم لا يحفظ القرآن.
أو يتشاغل بعلوم القرآن ولا يعرف الحديث.
فإن قال قائل: فدبر لي ما تختار لنفسك.
فأقول: ذو الهمة لا يخفي من زمان الصبا.
كما قل سفيان بن عيينة: قال لي أبي - وقد بغت خمس عشرة سنة - إنه قد انقضت عنك شرائع الصبا فاتبع الخير تكن من أهله فجعلت وصية أبي قبلة أميل إليها ولا أميل عنها.
كما قال سفيان بن عيينة: قال لي أبي - وقد بلغت خمس عشرة سنة - إنه قد انقضت عنك شرائع الصبا فاتبع الخير تكن من أهله فجعلت وصية أبي قبلة أميل إليها ولا أميل عنها.
ثم قبل شروعي في الجواب أقول: ينبغي لمن له أنفة أن يأنف من التقصير الممكن دفعه عن النفس.
فلو كانت النبوة مثلاً تأتي بكسب لم يجز له أن يقنع بالولاية.
أو تصور أن يكون مثلاً خليفة لم يحسن به أن يقتنع بإمارة.
ولو صح له أن يكون ملكاً لم يرض أن يكون بشراً.
والمقصود أن ينتهي بالنفس إلى كمالها الممكن لها في العلم والعمل.
وقد علم قصر العمر وكثرة العلم فيبتدىء بالقرآن وحفظه وينظر في تفسيره نظراً متوسطاً لا يخفى عليه بذلك منه شيء.
وإن صح له قراءة القراءات السبعة وأشياء من النحو وكتب اللغة وابتدأ بأصول الحديث من حيث النقل كالصحاح والمسانيد والسنن ومن حيث عليم الحديث كمعرفة الضعفاء والأسماء فلينظر في أصول ذلك.
وقد رتبت العلماء من ذلك ما يستغني به الطالب عن التعب.
ولينظر في التواريخ ليعرف ما لا يستغني عنه كنسب الرسول صلى الله عليه وسلم وأقاربه وأزواجه وما جرى له.
ثم ليقبل على الفقه فلينظر في المذهب والخلاف وليكن اعتماده على مسائل الخلاف فلينظر في المسألة وما تحتوي عليه فيطلبه من مظانه كتفسير آية وحديث وكلمة لغة.
ويتشاغل بأصول الفقه وبالفرائض وليعلم أن الفقه عليه مدار العلوم.
ويكفيه من النظر في الأصول ما يستدل به على وجود الصانع فإذا أثبته بالدليل وعرف ما يجوز عليه مما لا يجوز وأثبت إرسال الرسل وعلم وجوب القبول منهم فقد احتوى على المقصود من علم الأصول.
فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم فليكن من الفقه فإنه الأنفع.
ومهما فسح له في المهل فأمكنه تصنيف في علم فإنه يخلف بذلك خلفه خلفاً صالحاً.
ثم يعلم أن الدنيا معبرة فيلتفت إلى فهم معاملة الله عز وجل فإن مجموع ما حصله من العلم يدله عليه.
فإذا تعرض لتحقيق معرفته ووقف على باب معاملته فقل أن يقف صادقاً إلا ويجذب إلى مقام الولاية. ومن أريد وفق.
ـ[حمامة الحرم]ــــــــ[20 - 01 - 08, 06:35 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وجعلكم في الفردوس الأعلى إن شاء الله
ـ[أم مريم المسلمة]ــــــــ[25 - 02 - 08, 12:42 ص]ـ
فليوفقك الله وليحفظك.
اللهم اجعلنا ممن تحفظن كتاب الله.
ـ[ياسمى]ــــــــ[29 - 02 - 08, 06:04 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جزاك الله خير الجزاء أختي الفاضلة على هذا السؤال القيم و هذا نفس سؤالي الذي أحببت إدراجه قبل أي خطوة أخطها في طلب العلم الشرعي
بارك الله فيك و يا رب يفقنا لما يحبه و يرضاه و يرزقنا العلم النافع
و جزاكن الله خير الجزاء أخواتي الفاضلات على النصائح القيمة و المساعدة الطيبة
بارك الله فيكم و جعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم يا رب
ـ[ام الخطاب رشا]ــــــــ[18 - 04 - 08, 09:34 م]ـ
شاركينا ان كان لديك رغبة في درس التوحيد والفقه لقاء اسبوعي مع بعض الاخوات فيه فوائد
ان احببت ذلك راسليني على الخاص حتى اعطيك الماسنجر الخاص بي لنتواصل معك ومع من ترغب من الاخوات