فحمدت الله على هذه النعمة التي منّ الله بها على المرأة المؤمنة، حيث شرع لها الرجل قيّم عليها، يتولى جميع أمرها، ويكفيها شأنها، ويحفظ لها عرضها.
الموقف الثاني:
امرأة تسافر مع غير محرمها في المطار.
أول ما تدخل المطار تسرع لشحن أمتعتها، ثم تبادر لقطع تذاكر صعود الطائرة، وتسعى جاهدة من مكان لآخر لإنهاء إجراءات السفر.
المفاسد:
1 - التعرض للرجال والكلام معهم لغير حاجة، ولو كان معها محرم لكفاها المئونة.
2 - التعرض لمواطن الفتن ومواقع النظر، فمن حولها يسدد النظر إليها، ومنهم من يعرض عليها خدمتها، وآخر يتودد إليها في الحديث ويترقق في العبارات.
3 - التوتر النفسي الذي تمر به منذ دخولها المطار، فهي المسئولة عن حمل أمتعتها، وإنهاء جميع الإجراءات اللازمة للسفر، مع مزاحمة الرجال والوقوف في صفوفهم، مما يسبب لها حرجاً وقلقاً.
4 - ثلم الحياء والعفاف، وسلب الأنوثة والفطرة، بسبب كثرة مخالطة الرجال ومحادثتهم.
5 - إحساسها بالنقص والذل والانكسار، حين ترى النساء مع محارمهن مكرمات معززات مخدومات، ومحرمها آثر السلامة والراحة والدعة.
6 - الموقف الصعب والمحرج حين يجلس بجانب مقعدها في الطائرة رجل أجنبي، لصيق لها ومجاور، تكاد تلمس يده يدها من شدة القرب، وربما سمع صوت أنفاسها، وشم رائحة عطرها، ومتع عينه بنظرات عينيها.
وهذا الحرج تشعر به من بقي فيها حياء وعفة، فتتمنى أن تكون نسياً منسياً، أما إذا استرجلت المرأة، وفقدت حياءها وودعت أنوثتها، فلا حرج ولا غضاضة، وهذا ما رأيته بعيني، وإليكم هذا الموقف.
الموقف الثالث:
ثلاث فتيات في العشرين من أعمارهن، حاسرات عن وجوهن، وربما ظهر جزء من شعرهن، يصعدن الطائرة بدون محرم. جلسن في المقاعد التي أمامي، وبقي مقعدان خاليان، جلس فيهما شابان ثم تبين لهما أن مكانهما خطأ، فانتقلا إلى مكان آخر، ثم جاء رجل في الثلاثين من عمره، فجلس في المقعد الأخير، فبقي مقعداً خالياً يفصل بينه وبين الفتيات.
بعد فترة مضت، انتبهت لمن أمامي، وقد شغلني أمر الفتيات وحجابهن وكنت أفكر في طريقة لنصحهن وتذكيرهن، نظرت أمامي فإذا الرجل قد انخرط في حديث مع الفتاة القريبة منه.
اندهشت وتفاجأت، وظننت أن رجلاً جلس في المقعد الخالي، فأخذ يتبادل معه الحديث، وعندما دققت النظر تأكدت أن الشاب يتحدث مع الفتاة، وقد استغرقا في حديثهما، وكأنه قريب لها، عزيز عندها.
سألت نفسي: لو كان محرم الفتاة معها هل يرضى لها بهذا الوضع؟
وهل يرضى هذا الرجل لأخته أو ابنته أو زوجته أن تجلس بجانب رجل غريب فيحادثها وتحادثه كما يفعل هو؟
هل يرضى بذلك من في قلبه ذرة إيمان؟
أيها الرجال الغيورون على نساءهن هل يرضيكم أن يحصل هذا لنسائكم وبناتكم؟
أيها الرجال المخلصون هل ترضون ذلك لنساء المسلمين؟
أيها الأوفياء الصادقون إن كنتم لا ترضوه لنسائكم فكيف تسمحون لهن السفر بدون محرم؟
يا أشباه الرجال لماذا تتعرضون لنساء المسلمين ولا ترضونه لنسائكم؟ والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
يا عقلاء إلى متى ونحن نتساهل في أعراضنا وعفافنا؟
يا شرفاء لماذا هذا التقصير والإهمال لمحارمكم وأهلكم؟
للأسف ذبحت الغيرة، ووئدت العفة، وقتلت الفضيلة بيد أهلها، فلا شرف ولا كرامة.
بعد ما رأيت ما رأيت عزمت على الإنكار من باب الدين النصيحة، خاصة ونحن بين السماء والأرض، نتقلب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فإن سكتنا ورضينا ربما هلكنا و أهلكنا.
بحثت في حقيبتي عن ورقة وقلم، ثم بدأت أسطر لها هذه الكلمات:
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي في الله
الدين النصيحة
إن الإسلام يأمرك بالحجاب الكامل، فلا يحل لك الكشف عن وجهك، ولا يحل لك الحديث مع رجل أجنبي، فأنت بين السماء والأرض، استشعري أن الله يراك ويسمع قولك، فتوبي إلى الله واستغفري لذنبك،واذكري الله خير لك "
هذا ما أذكره من الكلام، ثم قمت فقدمت لها الورقة، فقرأت الورقة ثم أعطتها للرجل فقرأها، ثم سكتا عن الكلام تماماً حتى نهاية الرحلة.
فحمدت الله أن نصيحتي لهما أثمرت حينها، وأني أنكرت منكراً، لو تُرك لغرقت السفينة وهلكنا.
¥