تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رحلت سندس]

ـ[أم أحمد المكية]ــــــــ[13 - 01 - 08, 03:43 م]ـ

هذه قصة مؤثرة أنقلها للفائدة من منتديات صناعة الحديث.

........................................

قصة نقلتها للعبرة ......

من ملتقى أهل التفسير ...

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10552 (http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10552)

هذا المقال أهديه لآل العقل ..

للشيخ المحبوب الوالد / عبد العزيز العقل.

لابنه د/يوسف العقل.

لرفيق الدرب الشيخ / عبد الرحمن العقل.

لأبناء الفقيد (محمد - ماجد - مازن - أحمد).

لبناته كذلك ..

للأخ عبد الرحمن النصيان .. بموقع الإسلام اليوم

لكافة أقاربهم وأرحامهم وذويهم ..

أرسل هذه التعزية .. بل هذه التهنئة من كاتبها ..

تعزية وتهئنة

محمد بن عبد الجواد الصاوي*

نزلت عليَّ الفاجعة كما نزلت على الآلاف غيري بمصاب آل العقل في مدينة بريدة بوفاة أحد أعمدتهم الشيخ / عبد الله بن صالح العقل، وزوجته وابنه وابنته في حادث سير على طريق الطائف القصيم، ضحى الخميس الماضي 18/ 12/1428هـ عائدين من أطهر بقعة .. منتهين لتوِّهم من أقدس عبادة، طافوا بالبيت العتيق طواف الوداع ثمَّ رحلوا .. ليودعوا العالم .. ولتنتهي قصة الحياة الدنيا لهذه الأسرة الفاضلة عند هذا الحدّ، وبهذه الخاتمة التي نرجو أن تكون خاتمة حسنة صالحة يغبطون عليها!!.

وبقدر ما حزنت وتألمت لمصاب ذويهم فقد شعرت بجمال الرحيل، وأنا أرى ألوف الوفود تترى للصلاة على الراحلين، ولتشهد موكب جنائزهم المهيب .. رأيت آلاف المعزين مقبلين ومدبرين .. جائين ورائحين كلهم يدعو لهم، ويثني خيراً عليهم .. وعلى رأس هؤلاء الألوف صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب / فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم الذي خفّف بحضوره وتعزيته الكثير عن ذويهم وأهلهم، وليس هذا بغريب عنه وفقه الله، فهو يتعامل مع أهل المنطقة كلهم كما يتعامل الوالد مع أولاده، ويشعرهم بشعور الجسد الواحد ..

وكم من عالم وداعية وطالب علم ومسئول وفاضل من الفضلاء كان لهم جميعاً الأثر في تخفيف المصاب عن أهلهم الذين كان وقع المصاب عليهم كبيراً ومفاجئاً .. فجزا الله خيراً كل من خفف عنهم آلامهم، وشاركهم حزنهم.

وأنا هنا حينما أخطّ هذا المقال لم أرد أن أعدد مناقب ذلك الرجل المبارك – الشيخ عبد الله العقل - وكم كفل من أسرة، وكم أخفى من صدقة، وكم رعى أيتاماً ومعوزين وفقراء!.

ولن أفيض أيضاً الحديث عن زوجته التي عانت كثيراً في حياتها فصبرت وصابرت ..

لقد رحلت هذه الأسرة عنا وعلمتنا أنَّ الخاتمة الحسنة هي امتداد لرحلة إيمانية طويلة .. عاشوها لينهوها بأروع نهاية يمكن أن تنتهي بها الحياة ..

وإنما أردت أن أستمد نوراً من أنوار هذه الأسرة الكريمة لنستضيء به في حياتنا .. وعلنا أن تكتب لنا جميعاً خاتمة حسنة صالحة ..

ابنتهم سندس .. فتاة لم تكمل سبعة عشر ربيعاً من عمرها، في الصف الأول الثانوي .. عروس لم يعرف قلبها من قبل سوى حبّ ربها، والتعلّق بجناته .. كانت تقول لأختها الكبرى: أشعر أنني لست من أهل الدنيا .. لن أعيش طويلاً معكم .. سأرحل قريباً إلى الدار الآخرة ..

لقد تعلّق قلب سندس بما في جنات الله من سندس وإستبرق لأهلها، ولم تشغل يوماً قلبها بفارس أحلام، ولا خليل حرام .. وإنما بحب الله وطاعته ومرضاته ..

إني أقدمها نموذجاً لتربية حسنة، ونتاجاً من نتاج جهد هذين الوالدين الفاضلين اللذان أخرجا لمجتمعنا هذه النبتة الطيبة، لتكون أنموذجاً حياً لقريناتها، وقدوة لزميلاتها، وصورة أضعها بين يدي كلّ أم وكل أب حتى يعرفوا كيف تكون التربية الإيمانية حينما تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها!!.

لقد كانت فتاة كغيرها من الفتيات .. لها آمالها وآلامها، وهمومها ومشكلاتها .. لكنها لم تعش – مرحلة المراهقة – بطيش كما عاشت زميلاتها، ولم تكن مشاغبة مراهقة – كما هو حال الكثيرات من أترابها – وإنما حالها يختلف تماماً ..

هي فتاة من فتيات القرن العشرين لكنها بهمة عالية تختلف تماماً عن همم مثيلاتها واهتماماتهنّ .. لأنها تربت في محضن صلاح وهدى على عبادة ربها ومحبة نبيها صلى الله عليه وسلم ..

لقد قدمت على ربها صائمة .. فهي لا تدع صيام الاثنين والخميس والأيام البيض من كل شهر حتى في السفر!!.

يقول محدثي: كانت صوامة قوامة، راقية في خلقها وتعاملها، محبة للخير أينما وجد، باحثة عن الصلاح أينما كان .. أقبلت على العبادة إقبال الولهان، ولم تعش هموم قريناتها التي يعشنها ..

حينما أحضروا جثمانهم إلى القصيم وقبل التغسيل غفت أختها غفوة في الصباح فرأتها في المنام تقول لها: عجِّلوا بالتغسيل لا تتأخروا عنا ..

إني بهذا العرض أضع نموذجاً رائعاً بين يدي كل من أراد تربية ابنه أو ابنته، أضع هذه السندس أمام عين كل مراهق ومراهقة ليتأملوا قليلاً .. كيف عاشت، وكيف رحلت؟ وكيف يرسمون أن يعيشوا هم؟ وكيف يريدون أن يرحلوا؟! .. ليست سندس أنموذجاً من عهد السلف ولا التابعين، وإنما فتاة من عصرنا وزمننا .. أعرضه في زمن غياب النماذج، وبُعد القدوة، وفي زمن تغريب الفتاة المسلمة .. أضعه بين أيديكم جميعاً حتى نرى نوراً في زمن الظلمة، وحتى نتفاءل أنَّه لا زال في هذه الأمة خيراً كثيراً ..

لقد ماتت هذه الفتاة لكنها أحيت في قلوبنا جميعاً معانٍ رائعة، وتركت بصمات لا تمحى من حياتنا هي وأسرتها المؤمنة .. وستظل تؤتي أكلها في مجتمعها، وبين زميلاتها وأترابها .. وها أنا أقدمها هنا كي تحيي قلوباً ماتت، وتوقظ نفوساً غفلت ..

ياربَّ حي رخام القبر مسكنه

وربَّ ميت على أقدامه انتصبا

فهنيئاً لسندس ولوالديها وأخيها على هذه الخاتمة التي نحسب أنها خاتمة حسنة، بعد طاعة وعبادة، وبعد تمام منسك من أعظم المناسك .. والتهاني مع التعازي لأهلهم وذويهم .. وحسبنا من الله تعزية: ? والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ? ..

وسلام عليهم جميعاً يوم آمنوا .. ويوم حجوا .. ويوم ماتوا ورحلوا .. والله نسأل أن يجمعنا معهم في الفردوس الأعلى من الجنة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير