ولما كان العلم يمثل قيمة عليا من قيم المجتمع الإسلامي، فإن الإسلام لم ينكر على المرأة حقها في التعلم، أو أن يعد تعليمها أمراً ثانوياً، بل اعتبر تعلمها أمراً واجباً 0
ولكن أي علم ذاك الذي يقصده الإسلام؟ إنه العلم الذي يتفق مع طبيعة المرأة ووظيفتها في الحياة، ويتفق مع فطرتها واختصاصها الذي اختصها الله به، فتتعلم المرأة من عقائد دينها، وعباداته، وآدابه، وما يطلب منها لرعاية زوجها وبيتها وتربية أولادها، ويعينها على فهم واقعها وكيفية التعايش معه 0
المرأة في القرون الفاضلة، درست القرآن العظيم، وتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم فاستنار عقلها، وصفا قلبها،كيف وهي تتلو قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)
وقوله r ( إنما النساء شقائق الرجال)
بل نجد أن كتب السيرة سجلت لنا اللحظات الأولى من تلقي الوحي، وكيف اهتز له بيت النبوة، فكانت المؤمنة الأولى، والمستمعة والتالية الأولى لوحي السماء،الباذلة الأولى في سبيل الدعوة الإسلامية من نفسها ومالها، الزوجة المصدقة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ثم يتوالى الوحي في حجرات أمهات المؤمنين،وكان للسيدة عائشة رضي الله عنها القدْح المعلى في شرف الاهتمام بسنة رسول الله r فأصبحت مفتية ومعلمة وموجهة لأبواب الخير. "دور المرأة في خدمة الحديث في القرون الثلاثة الأولى آمال الحسين"0
وتروي بعض الآثار أن عائشة عندها نصف العلم، لذا كانت مقصد فقهاء الصحابة عندما تستعصي عليهم بعض المسائل العلمية والفقهية، خاصة فيما يتعلق بجوانب حياة النبي r ، وكانت عائشة رضي الله عنها تحث سائلها ألا يستحي من عرض مسائلته، وتقول له: سل فأنا أمك " 0وقد أخذ عنها العلم حوالي (299) من الصحابة والتابعين، منهم (67) امرأة 0
ولقد ضربت أمهات المؤمنين أروع الأمثلة في التعلم والتعليم، حتى غدين من الفقيهات والمحدثات، بل وربما أشكل على الرجال مسألة فيكون حلها في علم النساء، ولا عجب فلله درهن0ّ
- ووجد في التاريخ الإسلامي نوابغ من النساء في كافة الفنون والعلوم، فوجد منهن الفقيهات والمفسرات والأديبات والشاعرات والعالمات في سائر علوم الدين واللغة.
- ولم تغفل كتب الطبقات الترجمة للمرأة المسلمة خاصة في الرواية، ففي كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ذكر كثيراً من الصحابيات والتابعيات الراويات، وابن الأثير خصص جزءاً كاملا للنساء في كتابه " أسد الغابة "، وفي " تقريب التقريب " لابن حجر العسقلاني ذكر أسماء (824) امرأة ممن اشتهرن بالرواية حتى مطلع القرن الثالث الهجري 0
- وأورد السخاوي في موسوعته الضخمة " الضوء اللامع لأهل القرن التاسع " أكثر من
(1070) ترجمة لنساء برزن في ذلك القرن، معظمهن من المحدثات الفقيهات 0
- فالمرأة المسلمة كان لها حضور بارز في المجتمع العلمي الإسلامي، فكانت تتعلم وتعلم، وترحل لطلب العلم، ويقصدها الطلاب لأخذ العلم عنها، وتصنف الكتب، وتفتي، وتستشار في الأمور العامة 0
- وظهر من العالمات المسلمات من تعقد مجالس العلم في كبريات المساجد الإسلامية 0
- وكان في برهة من الزمن لا تجهز العروس إلا ومعها بعض الكتب الشرعية النافعة، ذكر الإمام الذهبي أن البكر كان في جهازها عند زفافها نسخة من كتاب "مختصر المزني". السير 14/ 233
- وقد كان في قرطبة وحدها دكان نسخ واحد، يستخدم مائة وسبعين جارية في نقل المؤلفات لطلاب الكتب النادرة (أثر العرب في الحضارة الأوروبية عباس العقادص115)
ـ[أم أحمد المكية]ــــــــ[15 - 01 - 08, 03:30 م]ـ
* النساء يطالبن بحقهن في طلب العلم:
جاء في الصحيحين، في باب (هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟):
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله r فقالت: يا رسول الله! ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: اجتمعن فأتاهن فعلمهن مما علمه الله" وفي رواية:غلبنا عليك الرجال". هكذا كان رسول الله r حريصاً على إسماعهن الخير، فكان يخصهن بالتعليم.
* الإمام يعظ النساء ويعلمهن:
¥