تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحجاب والجلباب]

ـ[سارة الجزائرية]ــــــــ[12 - 05 - 08, 07:56 م]ـ

[الحجاب والجلباب]

الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد

المصدر: موقع طريق الاسلام ( http://www.islamway.com/)

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

لقد بعث الله نبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق، ما ترك خيرا إلا دل الأمة عليه، ولا شرا إلا حذرها منه، فشمل دينه أحكاما ووصايا، وأوامر وتوجيهات في نظام متكامل مربوط برباط الفضيلة، يجمع أنواعها وشتى كمالاتها ووسائلها.

وإن من أعظم مقاصد هذا الدين إقامة مجتمع طاهر، الخلق سياجه، والعفة طابعه، والحشمة شعاره، والوقار دثاره، مجتمع لا تهاج فيه الشهوات، ولا تثار فيه عوامل الفتنة، تضيق فيه فرص الغواية، وتقطع فيه أسباب التهييج والإثارة.

ولقد خصت المؤمنات بتوجيهات في هذا ظاهرة، ووصايا جليلة.

فعفة المؤمنة نابعة من دينها، ظاهرة في سلوكها، ومن هنا كانت التربية تفرض الانضباط في اللباس سترة واحتشاما، ورفضا للسيرة المتهتكة والعبث الماجن.

فشرع الحجاب، ليحفظ هذه العفة ويحافظ عليها. شرع، ليصونها من أن تخدشها أبصار الذين في قلوبهم مرض.

وأحكام الحجاب في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم صريحة في دعوتها، واضحة في دلالتها، ليست مقصورة على عصر دون عصر، ولا مخصوصة بفئة دون فئة.

{يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} [الأحزاب:59]

تقول أم سلمة وعائشة -رضي الله عنهما-: «لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية» [أخرجه أبو داود].

والجلباب: كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، من ملاءة وعباءة، وكل ما تلتحف به المرأة فوق درعها وخمارها.

وإدناء الجلباب يعني: سدله وإرخاءه على جميع بدنها، بما في ذلك وجهها. وفي تفسير ابن عباس- رضي الله عنهما-: هو تغطية الوجه من فوق رأسها، فلا يبدو إلا عين واحدة.

وما خوطب به أمهات المؤمنين أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم-مطالب به جميع نساء المؤمنين.

{يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب:33 - 32].

فنهى عن الخضوع بالقول، والتبرج تبرج الجاهلية الأولى، وأمر بالمعروف من القول، ولزوم القرار في البيوت.

نساء المؤمنين في ذلك كنساء النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو في حق نساء المؤمنين آكد وأولى كما لا يخفى.

وما قوله- سبحانه-: {لستن كأحد من النساء} إلا تأكيدا لهذا، إذ المقصود بيان: أنهن محل الأسوة والامتثال الأول، ومن بعدهن متأسيات بهن.

وفي هذا يقول أبو بكر الجصاص: "وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي- صلى الله عليه وسلم-وأزواجه، فالمعنى فيه عام وفي غيره".

وفي مقام آخر- أيها المؤمنون والمؤمنات- يقول الله -عز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن} [النور: 31].

ولقد ذكر في الآية زينتان:

إحداهما: لا يمكن إخفاؤها {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ولم يقل إلا ما أظهرن منها، فعلم بهذا: أن المراد بالزينة الأولى زينة الثياب.

أما الزينة الثانية: فزينة باطنة يباح إظهارها لمن ذكرتهم الآية: {إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن} إلخ الآية.

وأنت خبير أيها المؤمن، وخبيرة أيتها المؤمنة بأن ممن رخص في إبداء الزينة أمامهم: الأطفال، وغير أولي الإربة من الرجال.

والوجه مجمع الحسن ومحط الفتنة، فهل يرخص كشفه للبالغين وأولي الإربة من الرجال. الأمر في هذا جلي ظاهر.

وفي نفس الآية الكريمة: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور: 31]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير