قال أبوك: ما للعابدين وما للنوم، لا نوم والله في دار الدنيا إلا نوماً غالباً، قالت: فكان والله كذلك لا يكاد ينام إلا مغلوباً ما له فراش، ما يكاد ينام إلا مغلوباً.
** وعن خلف بن تميم، قال:
سمعت زائدة يقول: صام منصور سنة نهارها، وقام ليلها، وكان يبكي، فإذا أصبح أدهن واكتحل ويرق شفتيه، فتقول أمه: ما شأنك أقتلت نفساً؟ فيقول: أنا أعلم ما صنعت بنفسي.
** و قال أبا الأحوص:
قالت جارية ابنة لجار منصور: يا أبه أين الخشبة التي كانت في سطح منصور؟ قال: يا بنية ذاك منصور كان يقوم الليل.
** وعن المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه
أن تميم الداري نام ليلة لم يتهجد فيها حتى أصبح، فقام سنة لم ينم عقوبة للذي صنع.
كتاب:كتاب التهجد وقيام الليل
** وعن عبد النور السكسكسي، قال: تعبد رجل من بني تميم، وكان يحيي الليل صلاة، فقالت له أمه: يا بني لو نمت من الليل شيئاً، فقال: ما شئت يا أمه، إن شئت نمت اليوم ولم أنم غداً في الآخرة، وإن شئت لم أنم اليوم لعلي أدرك النوم غداً مع المستيريحين من عسر الحساب، قالت: يا بني والله ما أريد لك إلا الراحة فراحة الآخرة أحب إلي لك من راحة الدنيا، فدونك يا بني فحالف السهر أيام الحياة لعلك تنجو من عسر ذلك اليوم وما أراك ناجياً، قال: فصرخ ألفى صرخة سقط من يدها ميتاً. قال: فاجتمع عندها رجال من بني تميم يعزونها، قال: وهي تقول: وابنيا قبيل يوم القيامة، وابنيا قبيل يوم القيامة. قال: وكانوا يقولون: إنها أفضل من ابنها.
** و قيل للحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن عز وجل فألبسهم نوراً من نوره.
** وعن وهب بن منبه قال: لن يبرح المتهجدون من عرصة القيامة حتى يؤتوا بنجائب من اللؤلو قد نفخ فيها الروح، فيقال لهم: انطلقوا إلى منازلكم من الجنة ركباناً، قال: فيركبونها فتطير بهم متعالية والناس ينظرون إليهم يقول بعض لبعض: من هؤلاء الذي قد من الله عز وحل عليهم من بيننا؟ قال:. فلا يزالون كذلك حتى ينتهي بهم إلى مساكنهم وأفنيتهم من الجنة.
** وعن بشر بن مصلح العتكي
قال: حدثني إبراهيم بن خلد بن ميناس وكان والله ممن يخاف الله عز وجل عندنا سراً وعلاناً قال: حدثني صاحب لنا من الصوريين، قال: مثلت لي القيامة في منامي فجعلت أنظر إلى قوم من إخواني قد نضرت وجوههم وأشرقت ألوانهم وعليهم الحلل ودون ذلك الجمع من الجمع، فقلت: ما بال هؤلاء مكسوون والناس عراة ووجوههم مشرقة نضرة والناس غبر كما نشروا من القبور؟ قال: فقال لي قائل: أما الذي رأيت من الكسوة فإن أول من يكسى من الخلائق بعد النبيين المؤذنون وأهل القرآن، وأما ما رأيت من إشراق الوجوه فذاك ثواب السهر والتهجد مع عظمة ما يدخر لها في الجنة. وقال: ورأيت قوماً على نجائب، فقلت: ما بال هؤلاء ركبان والناس حفاة مشاة؟ فقيل له: هؤلاء الذين قاموا لله عز وجل على أقدامهم تقرباً إليه أثابهم بذلك خير الثواب مراكباً لا تروث ولا تبول وأزواجاً لا يمتن ولا يهرمن. قال: فصحت والله في منامي واهاً للعابدين ما أشرف اليوم مقامهم، واستيقظت والله وأنا وجل القلب مما كنت فيه.
** وعن سفيان، قال:
كان محمد بن جحادة من العابدين وكان يقال: إنه لا ينام من الليل إلا أيسره قال: فرأت امرأة من جيرانه كأن حللاً فرقت على أهل مسجدهم، فلما انتهى الذي يفرقها إلى محمد بن جحادة دعا بسفط مختوم فاخرج منه حلة خضراء قالت: فلم يقم لها بصرى فكساه إياه وقال: هذه لك بطول السهر، قالت: تلك المرأة: فو الله لقد كنت أراه بعد ذلك فأتخايلها عليه يعني الحلة.
** وعن هشام قال: ينادي مناد من أول الليل: أين العابدون؟ قال: فيقوم ناس فيصلون لله عز وجل في وسط الليل، ثم ينادي بالسحر فيقول: أين العاملون؟ قال: هم المستغفرون بالأسحار.
** و روي عن الجريري أنه قال:
بلغنا أن داود عليه السلام سأل جبريل: أي الليل أفضل؟ قال: ما أدرى إلا أن العرش يهتز من السحر.
**و كان المغيرة بن حكيم الصغاني إذا أراد أن يقوم للتهجد لبس من أحسن ثيابه وتناول من طيب أهله، وكان من المتهجدين.
**و كان تميم الداري إذا قام من الليل دعا بسواكه، ثم دعا بأطيب حلة كان لا يلسها إلا إذا قام من الليل يتهجد.
**،و عن عبادة بن الصامت قال:
¥