ـ[الطالبة أحلام]ــــــــ[01 - 11 - 08, 05:53 م]ـ
باركـ الله فيك أخيتي ويعلم الله كم اشتقنا لمجالسة كتب السلف ...
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[03 - 11 - 08, 11:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا
لقد أفدتي بما نقلتي
وفي إنتظار بقية ما تجمعين من فوائد
ـ[أم عمر المسلمة]ــــــــ[05 - 11 - 08, 01:33 م]ـ
الحلقة السادسة
الفصل الثاني
كتاب: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء و الدواء)
المؤلف: شمس الدين أبو عبدالله محمد بن الشيخ الصالح أبي بكر عرف بابن القيم الجوزية
فصل في اجتماع الجيوش
قال تعالى (له معقبات من بين يده ومن خلفه يحفظونه من أمر الله)
يعقب بعضهم بعضا كلما جاء جند وذهب جاء بدله آخر يثبتونه ويأمرونه بالخير ويحضونه عليه ويعدونه بكرامة الله ويصبرونه ويقولون إنما هو صبر ساعة وقد استرحت راحة الأبد
ثم أيده سبحانه بجند آخر من وحيه وكلامه فارسل إليه رسوله وأنزل اليه كتابه فازداد قوة إلى قوته ومددا الى مدده وعدة الى عدته وأمده مع ذلك بالعقل وزيرا له ومدبرا وبالمعرفة مشيرة عليه ناصحة له وبالايمان مثبتا له ومؤيدا وناصرا وباليقين كاشفا له عن حقيقة الامر حتى كأنه يعاين ما وعد الله تعالى أولياءه وحزبه على جهاد أعدائه
فالعقل يدبر جيشه والمعرفة تصنع له أمور الحرب وأسبابها ومواضعها اللائفة بها والايمان يثبته ويقويه ويصبره واليقين يقدم به ويحمل به الحملات الصادقة ثم مد سبحانه القائم بهذا الحرب بالقوى الظاهرة والباطنة فجعل العين طليعة والأذن صاحب خبرة واللسان ترجمانه واليدين والرجلين أعوانه وأقام ملائكته وحملة عرشه يستغفرون له ويسئلون له أن يقيه السيئات ويدخله الجنات وتولى سبحانه الدفع والدفاع عنه بنفسه وقال هؤلاء حزب الله وحزب الله هم المفلحون وهؤلاء جنده وإن جندنا لهم الغالبون وعلم عباده كيفية هذا الحرب والجهاد فجمعها لهم في أربع كلمات فقال يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ولا يتم هذا امر الجهاد الا بهذه الامور الاربعة فلا يتم الصبر الا بمصابره العدو وهو مقاومته ومنازلته فاذا صابر عدوه احتاج الى أمر آخر وهي المرابطة وهي لزوم ثغر القلب وحراسته لئلا يدخل منه العدو ولزوم ثغر العين والاذن واللسان والبطن واليد والرجل
فهذه الثغور يدخل منه العدو فيجوس خلال الديار ويفسد ما قدر عليه فالمرابطة لزوم هذه الثغور ولا يخلى مكانها فيصادف العدو والثغر خاليا فيدخل منها فهؤلاء أصحاب رسول الله خير الخلق بعد النبيين والمرسلين أجمعين وأعظم حماية وحراسة من الشيطان الرجيم وقد خلوا المكان الذي أمروا بلزومه يوم أحد فدخل منه العدو فكان ما كان وإجماع هذه الثلاثة وعمودها الذي تقوم به هو تقوى الله فلا ينفع الصبر ولا المصابرة ولا المرابطة الا بالتقوى ولا تقوم التقوى الا علي ساق الصبر
فانظر الآن فيك الى التقاء الجيشين واصطدام العسكرين وكيف تداله مرة ويدال عليك أخري أقبل ملك الكفرة بجنوده وعساكره فوجد القلب في حصنه جالسا على كرسي مملكته أمره نافذ في أعوانه وجنده قد حصنوا به يقاتلون عنه ويدافعون عن حوزته فلم يمكنهم الهجوم عليه الا بمخامرة بعض أمرائه وجنده عليه فسأل عن أخص الجند به وأقربهم منه منزلة فقيل له هي النفس فقال لاعوانه أدخلوا عليها من مرادها وانظروا موقع محبتها وما هو محبوبها فعدوها به ومنوها اياه وانقشوا صورة المحبوب فيها في يقظتها ومنامها
فاذا اطمأنت اليه وسكنت عنده فاطرحوا عليها كلاليب الشهوة وخطاطيفها ثم جروها بها اليكم فاذا خامرة على القلب وصارة معكم عليه ملكتم ثغر العين والاذن واللسان والفم واليد والرجل فرابطوا على هذا الثغور كل المرابطة فمتي دخلتم منها الى القلب فهو قتيل أو أسير أو جريح مثخن بالجراحات ولا تخلوا هذه الثغور ولا تمكنوا سرية تدخل منها الى القلب فتخرجكم منها وان غلبتم فاجتهدوا في إضعاف السرية ووهنها حتي لاتصل الى القلب فان وصلت اليه وصلت ضعيفة لا تغني عنه شيئا فاذا استوليتم على هذه الثغور فامنعوا ثغر العين أن يكون نظره إعتبارا بل أجعلوا نظره تفرحا واستحسانا وتلهيا فان استرق نظرة عبرة فافسدوهم عليه بنظر الغفلة والاستحسان والشهوة فانه أقرب اليه وأعلق بنفسه وأخف عليه ودونكم ثغر العين فان منه تنالون بغيتكم فاني ما أفسدت بني آدم
¥