تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسلامه عليه إذا كملت فضائل العالم وكملت أخلاقه، طابت أقواله وأحس من كان قريباً منه بفضله ونبله، قال أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، وهو يبين لنا هديه عليه الصلاة والسلام، وخلقه الكامل الفاضل: [لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي يوماً قط أف] صلى الله عليه وسلم. إذا كمل العالم كملت أخلاقه وآدابه، وشمائله وفضائله، فقد أوصى العلماء وأهل العلم أن يكونوا كذلك، فإذا تواضع العلماء ملكوا قلوب الناس، وكان ذلك من أعظم الأسباب التي تعين على حب الدين والقرب منه وإلف العلماء والقرب منهم يعين على خيرٍ كثير. إن كريم الأصل كلما ازداد من خيرٍ تواضع وانحنى وينبغي على العالم أن يترسم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خلقه، سواءً كان مع العدو أو الصديق، مع الصغير أو الكبير، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع بكاء الصبي في الصلاة أشفق على أمه فخفف في صلاته، ولما تكلم معاوية بن الحكم رضي الله عنه في الصلاة، قال معاوية: (فبأبي وأمي ما رأيت معلماً كرسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما كهرني ولا شتمني ولكن قال: من الذي قال كذا وكذا آنفاً؟ فقلت: أنا يا رسول الله قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ... ) الحديث فكان صلى الله عليه وسلم يتعاطى أسباب التأثير في الناس، فالتواضع خلق لا بد للعالم أن يتخلق به، وإذا تواضع العالم استطاع المهموم والمغموم والمحزون والمكروب أن يبث حزنه، وأن يبدي ما عنده من الهم والغم، فإذا وجد العالم موطأ الكنف أحس أنه كوالده، وأنه سيشفق عليه ويرحمه أكثر من رحمة الأم بولدها؛ لأن رحمة العالم نابعةٌ من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي نابعة من الدين، وأما حنان الأم وعطفها فنابعٌ من الدنيا، وشتان ما بينهما، ولذلك كان بعض أهل العلم يقول: أستحب للعالم ألا يبالغ في لباسه، فلا يبالغ في التجمل؛ لأنه إذا بالغ في التجمل والزينة ولبس غالي الثياب، احتقر الفقير نفسه إذا جلس بين يديه، وأستحب له أن لا يتبذل في ثيابه، فإذا جاء الغني ترفع عن سؤاله، ولكن يكون بينهما واسطة، حتى إذا رآه الفقير ألفه، وإذا رآه الغني ألفه فالوسط خيرٌ ومحمودٌ في الأمور كلها.

ـ[الدر المصون]ــــــــ[19 - 10 - 08, 02:03 ص]ـ

تعاطي أسباب قبول العلم

ينبغي للعالم أن يتعاطى الأسباب لقبول علمه حيث أن الكلمة الطيبة من العالم طيبة ومؤثرة ومقبولة عند الناس، ومن رفع الله قدره بالعلم فطيب كلامه وأصبح يوجه الناس بالكلمات المؤثرة فإن الله يعظم أجره بعلمه، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يجرح الناس، وكان صلى الله عليه وسلم لا يؤذي الناس بلسانه، جعل نبوته ورسالته مليئة بالعطف والحنان حتى في الكلمة التي يلقيها ناصحاً ومؤثراً، كان صلى الله عليه وسلم إذا رقى منبره يقول وهو يثرِّب على أقوامٍ فيما أخطئوا فيه: (ما بال أقوام) ما كان صلى الله عليه وسلم صخاباً ولا لعاناً، ولما قنت يدعو على رعل وذكوان وعصية التي عصت الله ورسوله أنزل الله عليه: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ [آل عمران:128] وفي السير: أنه أوحي إليه إننا لم نبعثك صخاباً ولا لعاناً إنما بعثناك رحمة للعالمين، فكان صلى الله عليه وسلم في إلفه وتواضعه نموذجاًَ لكل عالم. أتى عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه وأرضاه، وهو على النصرانية، أتى يريد أن يرى حال النبي صلى الله عليه وسلم، وحال هذا المعلم الفاضل الكامل صلى الله عليه وسلم وذلك بعد أن كتبت له أخته سفّانة تصف له ما كان عليه صلى الله عليه وسلم، فلما أتى عليه قال: [فمضيت معه، فاستوقفته امرأة وهو في الطريق] استوقفت المعلم المربي وهادي الأمة ودالها على الخير، قال: [فوقف لها حتى قضى حاجتها، فقلت: والله ما هذه إلا أخلاق الأنبياء؛ قال: ثم انطلق فاستوقفه صبي فوقف معه، والله ما نزع يده من يده حتى قضى له حاجته، فقلت: والله ما هذه إلا أخلاق الأنبياء، قال: فلما دخلت البيت رمى لي بعرض الوسادة إكراماً لعدي؛ لأن الضيف يكرم ضيفه وهذه من شيم المسلم، فقلت والله ما هذه إلا أخلاق الأنبياء أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله] فأسلم رضي الله عنه وأرضاه. وأسر ثمامة بن أثال وربطه في المسجد ثلاثة أيام؛ لكي يرى النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، ويرى مدرسة الإسلام الأولى، ورسول صلى الله عليه وسلم يوجه ويعلم ويسدد ويدل على الخير، فلما مضت الثلاثة الأيام وفي كل يوم يقول: (ما وراءك يا ثمامة؟ فقال له: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعفو، تعفو عن كريم -أي: من لا ينسى الفضل- فقال: أطلقوا ثمامة، فانطلق ثمامة رضي الله عنه إلى الحائط) انطلق لا مجبراً على الإسلام ولا مكرهاً عليه، انطلق بمحض اختياره، لكن قلبه مأسور بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسل بالحائط ثم جاء ووقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: [يا محمد: لقد كان دينك أبغض الأديان إلي، ووجهك أبغض الوجوه إلي، فأصبح دينك أحب الأديان إلي، ووجهك أحب الوجوه إلي] حينما رأى الشمائل والفضائل والآداب، حينما رأى التعليم على أكمل ما يكون من رسول الأمة صلى الله عليه وسلم. إن القلوب تُملك بالأخلاق وبالآداب، فإذا تحلى العالم بالخلق الكريم أحبته القلوب وألفته واقتربت منه وأحست أنه خليقٌ بالحب والود والإجلال والإكرام. إن العالم إذا سعى فإن للناس عليه حقوقاً فيجعل من يجلس معه أنه يحبه ويريد له خيراً فيتواضع له، وكأنه يشعر أن الفضل للناس وليس له، فإذا شعر بذلك تواضع للناس، وكان حليفاً قريباً من الناس، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لذلك، وأن يجعلنا من أهله إنه ولي ذلك والقادر عليه.

(فضل العلم ومعلمه) ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=1129#1129) للشيخ: (محمد مختار الشنقيطي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=68) )

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير