فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أُمَّه! إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيْكِ يُوَدِّعُكِ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْكِ.
قَالَتْ: فَائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا قَعَدَ، قَالَ:
أَبْشِرِي، فَوَاللهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأَحِبَّةَ إِلاَّ أَنْ تُفَارِقَ رُوْحُكِ جَسَدَكِ.
قَالَتْ: إِيْهاً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ.
قَالَ: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَعْنِي: إِلَيْهِ- وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ إِلاَّ طَيِّباً، سَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، وَأَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَلْقُطَهَا، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيْداً طَيِّباً} [النِّسَاءُ: 42]، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى- بَرَاءتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدَ يُذْكَرُ فِيْهَا اللهُ إِلاَّ بَرَاءتُكِ تُتْلَى فِيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
قَالَتْ: دَعْنِي عَنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
يَحْيَى القَطَّانُ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَأْذنَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوْبَةٌ، فَقَالَتْ:
أَخْشَى أَنْ يُثْنِي عَلَيَّ.
فَقِيْلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْ وُجُوْهِ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ.
فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟
فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ.
قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ - زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ.
فَلَمَّا جَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ لَهُ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً. (2/ 181)
وَقَالَ القِاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: اشْتَكَتْ عَائِشَةُ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، تَقْدَمِيْنَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَوَّامِ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الجَرَّارُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، قَالَ:
كَانَ مَسْرُوْقٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيْقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ، حَبِيْبَةُ حَبِيْبِ اللهِ، المُبَرَّأَةُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَلَمْ أَكْذِبْهَا.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
قُلْنَا لَهُ: هَلْ كَانَتْ عَائِشَةُ تُحْسِنُ الفَرَائِضَ؟
قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَكَابِرَ يَسْأَلُوْنَهَا عَنِ الفَرَائِضِ. (2/ 182)
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَابْنُ عِلاَّنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُذْهَبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا مَكَّةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَالَ:
¥