فيخيرها في أمرها بين عيشة البساطة كما أراد أو يسرحها إلى بيت أبيها لتعيش كما اعتادت عليه من النعيم .. وهنا يكمن الفرق بين النساء حين تشتري المرأة عظمه القرار بكل ما في الدنيا من متاع.
فتأبى فاطمة بنت عبد الملك إلا الرضا بما اختاره زوجها الحبيب تقاسمه الدنيا بكل ما فيها من حلوها ومرها لتتوج حبها في الجنة حين تصبح أجمل الحوريات وأحبهن إلى قلب زوجها ..
ولم يكتف الخليفة الزاهد بذلك .. بل ينظر إلى بريق الجواهر في معصمها وقدها كأنه جمار من نار جهنم فيردها إلى بيت مال المسلمين وفاطمة راضية بذلك .. لا تحولها الأيام عن قرارها .. فحينما توفي عمر بن عبد العزيز وآلت الخلافة الأموية إلى أخيها يزيد بن عبد الملك أعاد إليها يزيد جواهرها قائلاً: هذه جواهرك التي وهبها عمر لبيت المال قد ردت لك .. فتجيبه وقد تملكها الحزن على وفاة عمر: والله لا أطيعه حياً وأعصيه ميتاً ...
وجاء التحول السريع لحياة فاطمة من سيدة آمرة ناهية إلى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها الأوحد الذي لا يملك سواه .. وتعجن العجين وتطهو الطعام بلا خدم ولا حشم .. راضية النفس مطمئنة البال باختيار لم يغير حياتها فحسب بل غير نظام الحكم الأموي، بزمن وجيز لم يتجاوز العامين وبضعة أشهر، وشعر به أهل الأرض قاطبة .. فقد هدأت له النفوس وعم الخير أرجاء البلاد من أقاصي الشرق عند نهر سيحون إلى أقاصي الغرب في المغرب والأندلس .. حتى أن عامل الخليفة على الصدقات ليطوف بالصدقة فلا يجد من يقبلها فلله درك يا حفيد الفاروق!!
حين جاءت الأعرابية تريد لقاء الخليفة فدلها الناس على بيته البسيط .. فطرقته لتفتح لها الباب امرأة امتلأت يداها بالعجين، فسألتها الأعرابية عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، فطلبت منها المرأة أن تنتظر للحظات ريثما يأتي الخليفة .. وإذا بجانب حائط البيت رجل يصلح الجدار، وقد علقت بقع الطين بيديه وثوبه .. فنظرت الأعرابية إليه مستغربة من جلوس هذه المرأة التي تعجن العجين أمام هذا الطيان الغريب لم تتستر منه .. فبادرتها بالسؤال عن هذا الطيان؟ وكيف تجلس أمامه دون أن تستر نفسها؟ فتجيبها ضاحكة: إنه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وأنا زوجته فاطمة .. !!
تلك هي سيدة بني أمية التي حفرت في أعماق التاريخ بصمات واضحة لحسن الاختيار .. فكانت نبراساً يهتدي بها نساء المسلمين إلى قمة العظماء ..
رحم الله فاطمة بنت عبد الملك.
وجزى الله كاتبة الموضوع خيرًا.
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[06 - 03 - 09, 08:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا النقل وتلك السيرة العطرة
ـ[الطالبة أحلام]ــــــــ[07 - 03 - 09, 07:01 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أم رائد مفرح]ــــــــ[04 - 11 - 09, 07:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا على نقل هذه السيرة العطرة
أثابك الله ونفع بك الإسلام والمسلمين