تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هؤلاء أولياء الله .. العلماء العاملون .. أهل السنة الذين هم على منهج الكتاب والسنة، هؤلاء أحباب الله، وهم صفوة الله بعد الأنبياء؛ ولذلك جعل الله فيهم علم الكتاب والسنة، وجعلهم أمناء على الشريعة والملة، فالترحم عليهم والدعاء لهم، خيرٌ كثيرٌ.

المَعْلَمْ الرابع: نشر فضلهم بين الأحياء، والاعتذار لهم في الأخطاء:

إذا قرأت فائدة، أو نقلت عِلماً نبَّه عليه إمام من أئمة السلف، كان من الحق عليك أن تنوِّه بفضله في ذلك، فتقول: كما قرّره شيخ الإسلام فلان، كما بيّنه الحافظ فلان، أو الإمام فلان، ولا توهم الناس أن الفضل –بعد الله- لك وحدك .. لا، وإنما تنصفهم وتذكر مآثرهم، وتبيّن فضلهم، فإن ذِكْرَ دقائق ما توصلوا إليه من الأفهام، وما كشفوه من العلوم والحقائق المبنية على دليل الكتاب والسنة .. ونشرِه بين الناس ونسبته إليهم، يُعرِّف الناس قدرهم، ويجعلهم يدركون فضلهم –خاصة بين طلاب العلم-، ويغارون عليهم من أن ينتقصوا وأن يُهانوا.

ثانياً: الأدب مع الأحياء من العلماء ([22]):

كانوا يقولون: قلّ أن يوفق إنسان لتعظيم العلم في الطلب إلا رزقهُ الله ذلك في طلابه ومن يأخذ العلم عنه غداً، مثلما كان يفعل، فإذا وجدت طالب العلم يوقّر العلماء، ويحترم العلماء، ويجلّ العلماء، فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا وجدته يهين العلماء، وينتقص العلماء ويزدري العلماء، ويتتبع عورات العلماء، فاعلم أن فيه خلقاً من أهل البدع، فأهل السنة براء من هذه الرذائل، وطلاب العلم الصفوة الصادقين براء من هذه الرذائل، والنقائص شأن الجهال، إذا وجدوا العالم منهم في التفسير أو في الحديث أو في الفقه، وأطّلعوا على زلةٍ واحدةٍ منه، لَحِقَه منهم التشهير والتقريع والتوبيخ، وكأنه ليس من الإمامة في شيء، وهذا صنيع من لا ينصف، أما المنصف العادل فإنك تجده يعتبر ذلك الخطأ وذلك الزلل من قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب كان له أجران، وإذا اجتهد فأخطأ له أجر واحد) ([23]).

فتعلم أن هذا إمام مجتهد، وأن هذه المسألة الفرعية من مسائل الفقه إذا أخطأ فيها وجه الصواب أن له الأجر عند الله عز وجل، وأنه لا ينبغي أن تُثرّب عليه، وقد قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمة الله عليه- في كتابه النفيس: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) وقرره الأئمة –رحمة الله عليهم- أنه لا ينبغي أخذ الأخطاء المعيّنة والتشهير بالأئمة فيها، ولكن لا يمنع هذا أن نبين الأخطاء، وأن نبين أن هذه المسألة أخطأ فيها الإمام فلان، أو هذا أو ذاك .. ولكن لا تعتبر هذا الخطأ الفرعي سبباً في غمط هذا العالم حقه، فإن ذلك ليس من الإنصاف في شيء، فتجد مثلاً لو كان هذا الإمام إماماً من أئمة الجرح والتعديل أخطأ في هذا الراوي فحسّن روايته، وأنت ترى الراوي مجروحاً، وأنه لا يقبل التحسين، فلماذا يقال: إن فلاناً ليس من التحسين والتصحيح في شيء .. وهذا من أوهامه، وهذا من زلاته، ولا تغترّ به .. ! ولا كذا وكذا، من الكلمات الجارحة، التي تربي في طلبة العلم الاستهانة بالعلماء والاحتقار لهم، فلا ينبغي هذا، بل المُنبغي أن ننبه على الأخطاء، وننبه على فضل الأئمة، وعلوّ شأنهم، وعلوّ قدرهم عند الله عز وجل، وعند عباده الصالحين.

هذا منهج السلف، وهذا منهج الأئمة. ثم اقرأ –رحمك الله- في كتب الأئمة الأعلام الذين شرحوا الأحاديث وتكلموا في المسائل الفقهية، تجد الأدب الجم .. تجد التواضع .. تجد الاحترام والتقدير والإجلال .. وحفظ الفضل لأهله، ولا يحفظ الفضل إلا من كان من أهله، فتجد الأئمة والحفاظ إذا اطّلعوا على شيء قالوا: وقد قال فلان –عفا الله عنه- كذا، كل ذلك من باب الأدب، ولذلك قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ)) [التوبة:43]. قدّم له المغفرة والعفو قبل أن يعاتبه –صلوات الله وسلامه عليه-؛ ولذلك ينبغي التأدب مع الأئمة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ونقصد بالأئمة: أئمة الكتاب والسنة، الذين شُهد لهم بتحري الحق والصواب، وأما غيرهم من المبتدعة وأهل الأهواء فليس على مثلهم يُلوى، ولا على مثلهم يُحزن.

وللتأدب مع العلماء الأحياء في مجالس العلم آداب ومعالم، منها:

المَعْلَمْ الأول: التبكير لمجلس العلم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير