فلا يكفيه ذلك حتى يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله،
وعلى هذا فالكافر يدخل في الإسلام بمجرّد أن يقول: لا إله إلا الله،
فإذا كان يقولها لكنه ينكر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
فلابد أن يضيف إليها شهادة أن محمداً رسول الله،
وفي الحديث الشريف: اُدْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّيْ رَسُوْلُ الله [12]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وقد عُلم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم واتفقت عليه الأمة: أن أول ما تؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فبذلك يصير الكافر مسلماً [13] وإذا كان مسلماً وشهد أن لا إله إلا الله ومات على ذلك فإنه يكفي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الدُّنْيَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله دَخَلَ الجَنَّة [14]
وإنما اكتفي بلا إله إلا الله لأن هذا الميت يقر بأن محمداً رسول الله وليس عنده فيها إشكال.
شهادة أن لا إله إلا الله تستلزم إخلاص العبادة لله، ويسمى هذا النوع من التوحيد توحيد الألوهية، ويسمّى توحيد العبادة، لأن معنى لاإله إلا الله أي لا معبود حقّ إلا الله، إذا لا تعبد غير الله، فمن قال: لاإله إلا الله وعبد غير الله فهو كاذب، إذْ إن هذه الشهادة تستلزم إخلاص العبادة لله عزّ وجل وطرد الرياء والفخر وما أشبه ذلك.
وقوله:
- أنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ الله -
فلابد أن تشهد أنه رسول الله، أي مرسلِهُ إلى الخلق، والرسول هو من أوحى إليه الله بشرعٍ وأمره بتبليغه، وكان الناس قبل نوح على ملة واحدة لم يحتاجوا إلى رسول، ثم كثروا واختلفوا، فكانت حاجتهم إلى الرسل، فأرسل الله تعالى الرسل، قال الله عزّ وجل: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النبيين مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (البقرة: الآية213)
فالرسل إنما بعثت حين اختلف الناس ليحكموا بينهم بالحق، ولهذا كان أول الرسل نوحاً عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم. فلابد من الإيمان بأن محمداً رسول الله، ولابد أن نؤمن بأنه خاتم النبيين.
ومما سبق يُعلم خطأ المؤرّخين الذين قالوا: إن هناك رسولاً أو أكثر قبل نوح، فليس قبل نوح عليه السلام رسول بدليل قول الله تعالى: [) إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنبيينَ مِنْ بَعْدِهِ) (النساء: الآية163] وقال الله عزّ وجل: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب (الحديد: الآية26) أي في ذريتهم خاصة.
ومن السنة في قصة الشفاعة أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون له: أَنْتَ أَوَّلُ رَسُوْلٍ أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ [15]
فعقيدتنا أن أول الرسل نوحٌ عليه السلام، وآخرهم: محمد صلى الله عليه وسلم.
فمن ادعى النبوة بعد محمد فحكمه أنه كافر،
لقول الله تعالى: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النبيينَ) (الأحزاب: الآية40)
ولم يقلْ سبحانه وخاتم الرسل، مع أنه قال رسول الله بالأول، لأنه إذا كان خاتم النبيين فهو خاتم الرسل، إذ لارسالة إلا بعد النبوة،
فإذا انتفت النبوة من بعده فالرسالة من باب أولى.
//**//**//**//
ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[24 - 07 - 09, 12:07 م]ـ
ـــــــ
[10] رواه مسلم: كتاب الإيمانن باب: الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى، حديث (8)، (1).
[11] رواه البخاري: كتاب الديات، باب قول الله تعالى: (ومن أحياها)، حديث (6872). ومسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، حديث (96) (159).
[12]-أخرجه البخاري- كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة، (1395)، ومسلم- كتاب: الإيمان، باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، (19)، (29)
[13] مجموع الفتاوى، ج (20) ص (456)
¥