منها ما رواه أبو داود عن سلمة بن المحبق، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من كانت له حُمُوْلَةٌ يأوي إلى شبع، فليصم رمضان حيث أدركه"
"والحمولة" بالضم: الأحمال التي يسافر بها صاحبها.
2.وذهب الإمام أحمد إلى أن الفطر في رمضان أفضل ولو لم يلحق الصائم مشقة.
-ويقول باستحباب الفطر أيضاً، سعيد بن المسيب، والأوزاعي وإسحاق.
أدلة الحنابلة:
منها حديث "ليس من البر الصيام في السفر" متفق عليه.
وحديث " إن الله يحب أن تؤتى رخصه ".
* ومن الأحاديث التي يؤخذ أيضا منها جواز الإفطار والصيام في السفر وأفضلية الفطر في السفر لا سيما إذا اقترن بذلك مصلحة من التقوي على الأعداء ونحوه. فإن فائدة الصوم تلزم صاحبها، أما فائدة الإفطار في مثل ذلك اليوم فإنها تتعدى المفطر إلى غيره. ومن هنا كان الإفطار أولى.
عَن أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضْي الله عَنْهُ قال: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في سَفر،
فمِنَا الصَّائِمُ وَمِنَا الْمُفْطِرُ.
قال: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً في يَوْمٍ حَارٍّ وَأكْثَرُنَا ظِلاَّ صَاحِبُ الكساء وَمِنًا مَنْ يَتقى الشَّمْسَ بِيَدِه.
قال: فَسَقَطَ الصُّوَّمُ وَقَامَ الْمُفْطِرُون، فَضَرَبوُا الأَبْنَيَة وَسَقُوا الركابَ.
فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " ذَهَبَ المفْطِرُون اليوْمَ بالأجر"
{فائدة}:
أما مقدار السفر الذي يباح فيه الفطر وقصر الصلاة، فقد اختلف العلماء في تحديده.
والصحيح أنه لا يفيد بهذه التحديدات التي ذكروها، لأنه لم يرد فيه شيء عن الشارع.
فالمشرع أطلق السفر، فنطلقه كما أطلقه.
فما عُدَّ سفراً، أبيح فيه الرخص السفرية، وتقدم بأبسط من هذا في "صلاة أهل الأعذار".
::
،
المسألة الثالثة عشرة:
ماذا على ولي من مات له ميت وعليه صيام؟؟
الحكم: وجوب قضاء الصيام عن الميت سواء أكان نذراً، أم واجباً بأصل الشرع.
الدليل:
عَنْ عَاِئشَةَ رضي الله عَنْهَا: أنَّ رَسُوْلَ الله قال:
"مَنَ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام صَامَ عَنْه وَلِيُّه".
وأخرجه أبو داود وقال: هذَا في النًذْر خاصَّة، وهو قول أحمد بن حنبل [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=updatepost&postid=1104744#_ftn1).
ـــ
[1] قال ابن دقيق العيد ليس هذا الحديث مما اتفق عليه الشيخان.
وليس كما قال ابن دقيق العيد، فقد أخرجه البخاري ومسلم جميعاً، كما نبه عليه عبد الحق في ((الجمع بين الصحيحين)) والمجد في ((المنتقى))
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم هل يقضى عنه؟
على ثلاثة أقوال أحدها:
1. لا يقضى عنه بحال، لا في النذر ولا في الواجب بأصل الشرع.
وهذا مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي في الجديد.
2.الثاني: يصام عنه النذر دون الواجب بأصل الشرع.
وهذا مذهب الإمام أحمد، وأبي عبيد، والليث، وإسحاق، ونصره ابن القيم.
3.الثالث: أنه يصام عن الميت النذر والواجب بأصل الشرع.
وهو قول أبي ثور وأصحاب الحديث، ونصره ابن حزم، ورد قول من خالفه، وجماعة من محدثي الشافعية، وهو قول الشافعي في القديم،
وعلق القول به على صحة الحديث.
قال البيهقي: ولو وقف الشافعي على جميع طرق الأحاديث وتظاهرها لم يخالفها إن شاء الله.
واختار هذا القول شيخنا "عبد الرحمن السعدي" وقال: إنه اختيار شيخ الإسلام "ابن تيمية" في جميع الديون التي على الميت لله، أو للآدميين، أوجبها على نفسه، أو وجبت بأصل الشرع.
استدل المانعون- مطلقاً- بأدلة.
منها:- قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إلاَّ مَا سَعَى}.
وبما روي عن ابن عباس: "لا يُصَلِّ أحد عن أحد، ولا يصم أحد عن أحد".
وروي عن عائشة، نحو ما روي عن ابن عباس، وهما راويان لِحدِيثَي الصيام عن الميت،
وخالفاها، فاتبع رأيهما لا روايتهما، لأنهما أعلم بمعنى الحديث.
واستدل المجيزون للقضاء- مطلقاً-
بالحديث سابق الذكر فإنه عام في الواجب بأصل الشرع والواجب بالنذر،
وبحديث ابن عباس الآتي بعد هذا الحديث وهو: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟."
فقال:، لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال نعم. قال: " فدين الله أحق أن يقضى"
قال ابن حجر: إن أحمد ومن معه حملوا العموم في حديث عائشة على المقيد في حديث ابن عباس، وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما، فحديث ابن عباس صورة منفصلة يسأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة.
أما المفصلون وهم الذين يرون القضاء في النذر دون الواجب بأصل الشرع، فيرون أن حديث الباب، وحديث ابن عباس الذي بعده، مقيدان بالرواية الثانية عن ابن عباس المذكورة في هذا الباب.
ونصر "ابن القيم" هذا القول في كتابه "إعلام الموقعين" "وتهذيب السنن" وقال: إنه أعدل الأقوال، وعليه يدل كلام الصحابة.
وقال: وتعليل حديث ابن عباس الذي قال فيه: "لا يصوم أحد عن أحد ويطعم عنه" مراده في الفرض الأصلي.
¥