تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مِن الناس مَن إذا خلا بالمعصية: خلا بها جريئاً على الله، ومنهم من يخلو بالمعصية، وهو تحت قهر الشهوة، وسلطان الشهوة، ولو أنه أمعن النظر وتريث: ربما غلب إيمانُه شهوتَه، وحال بينه وبين المعصية، لكن الشهوة أعمته، والشهوة قد تعمي وتصم، فلا يسمع نصيحة، ولا يرعوي، فيهجم على المعصية فيستزله الشيطان، قال تعالى: (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ) آل عمران/ 155، فإذا حصل الاستزلال من الشيطان، فزلت قدم العبد، لكن في قرارة قلبه الاعتراف بالمعصية، والله يعلم أنه لما وقع في المعصية أنه نادم، وأنه كاره لها، حتى إن بعضهم يفعل المعصية وهو في قرارة قلبه يتمنى أنه مات قبل أن يفعلها: فهذا معظِّم لله عز وجل، ولكنه لم يرزق من الإيمان ما يحول بينه وبين المعصية، وقد يكون سبب ابتلاء الله له أنه عيَّر أحداً، أو أنه عق والداً، أو قطع رحمه، فحجب الله عنه رحمته، أو آذى عالماً، أو وقع في أذية ولي من أولياء الله، فآذنه الله بحرب، فأصبح حاله حال المخذول، مع أنه في قرارة قلبه لا يرضى بهذا الشيء ... .

فالذي يعصي في السر على مراتب:منهم من يعصي مع وجود الاستخفاف، فبعض العُصاة تجده لما يأتي إلى معصية لا يراه فيها أحد: يذهب الزاجر عنه، ويمارسها بكل تهكم، وبكل وقاحة، وبكل سخرية، ويقول كلمات، ويفعل أفعالاً، ولربما نصحه الناصح، فيرد عليه بكلمات كلها وقاحة، وإذا به يستخف بعظمة الله عز وجل، ودينه، وشرعه، لكنه إذا خرج إلى الظاهر صلى، وصام، وإذا خلا بالمعصية لا يرجو لله وقاراً - والعياذ بالله - فليس هذا مثل من يضعف أمام شهوة، أو يفتن بفتنةٍ يراها، ويحس أن فيها بلاء، وشقاء، ويقدم عليها، وقلبه يتمعر من داخله، ويتألم من قرارة قلبه، ثم إذا أصاب المعصية ندم.

... .

فهذا الحديث – أي: حديث ثوبان - ليس على إطلاقه، وإنما المراد به: من كانت عنده الجرأة - والعياذ بالله -، والاستخفاف بحدود الله.

" شرح زاد المستقنع " (رقم الدرس 332).

نسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان، وأن يزينه في قلوبنا، ونسأله أن يبغِّض إلينا الكفر، والفسوق، والعصيان.

والله أعلم

موقع الإسلام سؤال وجواب

ـ[طويلبة علم]ــــــــ[17 - 10 - 09, 05:14 م]ـ

جزاكِ الله خيراً وبارك فيكِ على هذه الفائدة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير