أطرقت رأسي وغادرت الغرفة .. ولكنني لم أيأس .. بقي أبي .. قد يقنع أمي .. طالما ساندني أبي في قرارات كثيرة ... لا بد انه سيتفهمني ..
انتظرته حتى عاد من العمل .. وطلبت ان احدثه على انفراد .. بدأت أتحدث بهدوء .. وأهيء أبي لقبول الفكرة .. فنظر الي بطرف عينه:"ماذا تريدين ان تقولي " عندها صمت .. وبصوت منخفض قلت "أريد أن البس النقاب " ... وقف أبي وتوجه الى غرفة أخرى .. وحتى من غير ان ينظر الي قال بصوت عال:"هو الواحد يا بيبعد عن طريق ربنا خالص ... يا يتدين ويتشدد ويجن " ...
أذكر أنني بكيت بكاء مريرا تلك الليلة ....
حاولت ان اذهب الى احد اقاربي الذي كنت معتادة ان يساندني في مثل هذه القرارات .. فنصحني ان ألتزم أوامر والدي ولا اعصيهما ولا بد ان يجعل الله بعد عسر يسرا ..
عندها سلمت أمري لله .. ولكنني كنت أحاول اغتنام أي فرصة لافتح الموضوع مرة ثانية وثالثة ورابعة ...
مرت حوالي 3 أشهر .. واهلي على موقفهم ..
حتى جاءت صديقتي (وهي أيضا مقتنعة بوجوب النقاب لكن أهلها يهددون بالضرب واللايذاء والفصل من الجامعة لو قررت ان تلبسه) .. جاءت تقول: لا بد انتأتي معي لتقابلي تلك الفتاة ..
تلك الفتاة .. كانت فتاة غير كل الفتيات ..
تلك الفتاة لبست النقاب ... رغم كل الرفض الذي لاقته .. رغم الحجار التي كانت تقذف عليها من اطفال الحي عندما تخرج خارج المنزل .. رغم العبارات النابية .. رغم كل شيء ... أصرت على لباس امهات المؤمنين ..
أسرعت انا وصديقتي لارى تلك الفتاة ... سمعنا قصتها .. ارتعش جسدي ... وأخرجت النقاب الذي اشتريته من فترة وخبأته في حقيبتي .. حتى اذا ما قرر اهلي الموافقة في اي لحظة اخرجه والبسه .. اخرجته .. وقلت لن اتراجع مهما حصل لن اتنازل ...
استخرت الله عز وجل ... ونمت تلك الليلة وانا في شوق لغد حتى البسه واخرج به .. وكنت في هذه الاثناء في سكن طالبات بعيدا عن المنزل ..
صلينا الفجر جماعة ... فانسابت كلمات ربي بصوت مرتل جميل .. لتسكب الطمأنينة في قلبي (والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى)
اتصلت باهلي ... "الو ماما!! انا لبيست النقاب! "
اذكر صراخها علي .. وصدمتها .. اذكر انها كانت تتصل بي كل ساعة او كل ساعتين .. "ان لم تخلعيه سوف اتي وانزعه عن وجهك امام الجميع " ... أذكر اني ابي وقتها رفض ان يكلمني .. تحدثت الي اختي .. واخبرتني ان ابي http://eshraqa1.com/vb/images/smilies/3D/36_1_28[1][1].gif جدا .. يرفض حتى ان يتناول الطعام .. ويرفض الحديث مع اي احد ..
ماذا فعلت؟؟؟
لم كل هذا الغضب؟؟
انني أسير على ركب أمهات المؤمنين؟؟
ما هو ذنبي لتغضبوا هكذا مني؟
مر ذلك اليوم ... كثير هن الفتيات اللواتي همسن بأذني "مبااااااارك أختاه ثبتك الله " ...
غربت الشمس ... كم كنت سعيدة لانني لبسته .. وكم كنت اشعر باختناق لغضب اهلي ... شعرت باني اتلاشى في دوامة من الحيرة ... كم هو مؤلم ذلك الشعور ... عندما قررت ان .. أخلعه
...
لم اكن استطيع ان اتحمل ضغط اهلي ... وعلمت انهم لن يسمحوا لي بلبسه اكثر ...
عزمت ان أتكلم مع كل فتاة رأتني به .. واشرح لها لم خلعته ... حتى لا تظن احداهن .. انني ندمت على لبسه ... حتى لا اسيء للنقاب ...
وهكذا كان ...
لا اريد ان اخبركم كم كان شعوري مؤلما عندما خرجت من دونه ... أحسست انني أفتقد شيئا من كياني ... والله المستعان ..
كنت اريد ان يعلم اهلي ان الفكرة ما زالت تحيا بداخلي ... فلبست القفازين من غير غطاء الوجه ... لعلهم يلينون ويسمحون لي بلبس النقاب يوما
عدت بعد اسبوع الى المنزل .. اهلي كانوا طبيعيين جدا .. حتى انهم لم يراجعوني بالموضوع ..
وغضوا البصر عن موضوع القفازات .. اعتقدوا انها ثورة وسوف تخمد نارها يوما ...
صليت العشاء بالمنزل .. ثم دعوت الله من كل قلبي "يا رب .. أنا اريد أن أرضيك .. فأعني على طاعتك .. هل تتركني هكذا؟.أتقلى بنار الحسرة؟؟ يا رب لا تتركني "
لا ادري اي شعور ذلك الذي انسكب في قلبي .. كأنه اليقين بالاستجابة .. احسست ان ابي الان الان سيقول لي:"اذهبي والبسيه "
¥