تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقصود: أن أُدلل على أني ما أستوعب معه جانب الأصول من ناحية المنطق والخلافات، وأتممته على بعض المشايخ الذين كان لهم باع فيه، وأسأل الله أن يكون فيها تعويض لما لم أقرأه على الوالد.

أما المصطلح، فقرأت عليه بعض المنظومات، منها البيقونية والطلعة ([161])، وقرأت عليه في تدريب الراوي.

والسيرة كان له درس في رمضان يقرأ فيه البداية والنهاية، وكان في التاريخ شيء عجيب، حتى إن الشيخ محمد العثيمين يقول لي: كان والدك يحفظ البداية والنهاية.

وكان له باع في علم الأنساب، والحقيقة أنني قصّرت فيه ولم آخذ عنه، ويعلم الله: ما كان يمنعني منه إلا خشية أن الإنسان يأتي ويقول: هذه القبيلة تنتمي إلى كذا، فيتحمل أوزار أنساب أمم هو في عافية منه، لكن الحمد لله، في الفقه والحديث والعلوم التي أخذتها عليه غناء عن غيرها.

السؤال الرابع عشر:

هناك بعض الشباب الملتزمين يرفضون الأذان والإقامة بقصد الخوف من الرياء، والتواضع، وأنه ليس أهلاً لذلك، مع العلم أنهم لو رفضوا لأخذ مكانهم الجهلة، فما نصيحتكم لهؤلاء ([162])؟

الجواب:

الإمامة شعيرة من شعائر الإسلام، يقوم بها العلماء الأعلام، وأشباههم من طلاب العلم الكرام، وكم يُحيى من سنن المرسلين إذا تقلدها الأخيار، وكم يُحيى من بدع المضلين، ويمات من سنن المرسلين إذا تقلدها الفجار الأشرار. ينبغي على طالبٍ إذا كان في حيّ لا يوجد فيه غيره وتعينت عليه، أن يتولاها، ويأثم إذا تقاعس لدرجة يليها من هو أجهل منه، ممن قد يعَرّض صلاة الناس إلى الخلل، أو يكون في تقدمه ضرر على الناس في دينهم أو عقائدهم.

وأما إذا وجد في حيّ فيه من يتولاها غيره، وامتنع على سبيل التورع أو التفرغ لطلب العلم فلا حرج عليه، خاصةً إذا غلب على ظنه أن الإمامة تشغله عن إتقان العلم؛ لأن التفرغ مقدم على بعض الأحوال في بداية الطلب.

والأفضل أن يجمع طالب العلم بين الطلب والإمامة، كي تعينه على تبليغ رسالة الله، ولا ينبغي لمن فتح الله له باب دعوة في الخطابة أو الإمامة أن يتقاعس.

وينبغي لطالب العلم إذا تقدم للإمامة أن يحفظ مسائل الإمامة وأحكامها، ويتصل بالعلماء ويستشيرهم عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، ويجعل لأهل الحيّ درساً أسبوعياً في مسجده، ويفتح للناس قلبه، ويسمع مشاكلهم، فإن الإمامة بمثابة الأبوة للناس، وإمام الحي لا يكون إماماً بمعنى الكلمة، إلا إذا جمع بين رضاء الله ورضاء الناس، وذلك بالتودد لهم والتلطف لهم في حدود الشرع.

الخاتمة ([163])

فيا شباب الإسلام ..

ويا طلاب العلم ..

ويا ورثة الأئمة الأعلام ..

إن ثغور الإسلام باكية ..

إن منابر الإسلام شاكية ..

إن ثغور الإسلام تنتظركم ..

إن ثغور الإسلام تنتظر من طلاب العلم أن يسدوها، وأن يحموا حماها، وأن يغاروا لله وفي دين الله على ما فيها ..

يا طلاب العلم .. مَن للحكمة والسنة والقرآن؟ ..

من للعقيدة والإيمان؟ ..

مَن يحمي حمَى (طاعة) الله المجيد؟ ..

مَن يبصر القلوب بالله؟ ..

إن وراءكم قلوباً تشتاق إلى لقياكم ..

إن وراءكم أمماً تتعطش إلى الجلوس معكم ..

إن وراءكم أمماً تنتظر منكم كلمة تدل على الله ..

تنتظر منكم موعظة تذكر بالله ..

إن وراءكم قلوب ضلّت عن السبيل، تنتظر منكم الهداية والسبيل ..

إن وراءكم أمماً هي الخصوم لكم بين يدي الله ..

والله، ما من ضال عن سبيل الله، إلا وهو خصم للعالم وطالب العلم بين يدي الله، فالله الله فيما حُمّلتم من دين الله، ما أعظم الأمانة التي حُمّلتموها والمسئولية التي تقلدتموها، فاتقوا الله في أبناء المسلمين، اتقوا الله في هذا الدين، ضاعت ثغور الإسلام، جفّت المحابر، وبكت المنابر، فمن لها إن لم تكونوا لها يا شباب الأمة، ويا ورثة العلماء والأئمة، اتقوا الله في هذه الرسالة، المسئولية بين يدي الله عن ذلك عظيمة.

لذلك: فإن كل طالب علم دخل إلى جامعة، أو جلس في حلقة، أو لازم شيخاً، فليعلم أنه بمجرد دخوله، وبمجرد ملازمته، قد وضعَ قدمه على عتبة المسئولية بين يدي الله عز وجل، وأنه سيحمل على ظهره أمانة يوقف فيها بين يدي الله، إما أن تشقيه وإما أن تسعده وترضيه.

فاعلموا -إخواني- أن التخصص في العلم الشرعي، وحمل هذه الحِكَم من الكتاب والسنة ما هي إلا حجج تكون للإنسان أو على الإنسان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير