تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[و لو قامت الدنيا كلها على النقاب]

ـ[محبة النقاب]ــــــــ[28 - 10 - 09, 11:47 م]ـ

ولو قامت الدنيا كلها على النقاب

للكاتب: الشيخ/ محمد حسين يعقوب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين،

وبعد، فإن من سنن الله تعالى في خلقه (سنة الدفع)؛ قال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

والمؤمنون الصادقون، والدعاة الراسخون، لا يهتزون ولا يثورون كلما هبت ريح الدفع؛ قد تعودوا على سنن الله في تمحيص عباده، ثم تمييز صفهم وصفوتهم، ثم تمكين أوليائه وحزبه.

مثال ذلك أن تهاجم أبواق الجهل وأصوات {الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا} بشتى الوسائل رمز العفاف (النقاب)، أو أن يثير الرويبضة سمومهم في عمق ثوابت الدين كهلاوس التشكيك في الصحيحين، أو إنكار شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، أو تمييع البراء من الشيعة، أو إنكار عذاب القبر ونعيمه .. إلخ.

وتزداد المآساة بسكوت أهل الحق أو تمييعهم، بل تزداد المآساة إن وقفوا موقف المدافع أمام كل أصل من أصولهم وهو يُشكك فيه .. كأنهم وضعوا الدين في قفص اتهام، وجعلوا يبحثون عن محامين يبررون له خطأه .. {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.

ونحو الهدف .. تعالوا نضع هذه القاعدة:

هناك مجموعة من الثوابت لا تقبل المناقشة

فلا تمييع للقضايا ... ولا تَقَبُّل لكل شيء دون ضابط أو دليل، ولا سير خلف أهواء الناس حيثما خطت أقدامهم، فهذا لا يصلح. إنما التمسك بمبادئنا، والالتزام بمنهجنا، رضي الناس أم سخطوا، وهل نود أن نكون ممن يرضون الناس و يسخطون الله؟!!

وكثيراً رأينا من دعا الناس على وفق أهوائهم، وتأول لهم تفاديا للاصطدام مع عاداتهم ومألوفاتهم ... فما كان من هؤلاء إلا أن سقطوا بعد فترة يسيرة!!

نعم: أمثال هؤلاء يقعون ولا يستمرون، لأنه لم يكن التزاما حقيقيا بل هو الهوى.

وليس هواهم في درك المعاصي فحسب، بل قد يكون هواهم في الطاعات أيضا، قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص:26].

فلابد من ثوابت عندك لا تقبل الجدل، لا بد أن تكون صاحب منهج ومبادئ، وقضية تعيش من أجلها.

انظر إلى سعد بن أبي وقاص، وكان رجلا برا بأمه، لما أسلم قالت له أمه: " يا سعد، ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟، لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتعير بي، فيقال: قاتل أمه"!!، فقال لها: "يا أماه لاتفعلي، فلا أدع ديني هذا لشيء".

فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت وقد أجهدت، فمكثت يوما آخر وليلة، حتى ذكر أهل السير أنهم كانوا إذا أرادوا أن يسقوها بعض الماء ليبقى بها رمق الحياة، وضعوا بين أسنانها خشبة!!، فاشتد جهدها، فلما رآى كذلك، قال لها: "يا أماه .. والله لو كانت لك مائة نفس فخرحت نفسا نفسا، ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي".فلما رأت ذلك أكلت. فنزلت هذه الآية: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].

وانتهى الموقف!

لا توجد مناقشة ولا جدال ولا تمييع ولا تعريض .. هناك أمور لا يمكن أن تترك لأهواء الناس، كأمور الانحرافات العقدية؛ فقضايا مثل التوسل غير المشروع بالصالحين، وسب الدين، والاستهزاء بشرع الله تعالى، والاستعانة بالجن، والكهانة والشعوذة، والبدع المحدثات في العبادات والمناسك والأعياد والجنائز، والمنكرات الفاحشة، والكبائر الموبقات .. كيف بالله عليكم يمكن أن نخضعها لـ"قيل وقال "؟!

نصحني أحد مشايخنا عندما بدأت الدعوة إلى الله، فقال: "إذا جاءك من يريد أن يناقش مسألة تحريم الخمور فلا تعره بصرك، ولا تلتفت له؛ كيف يمكن النقاش في المعلوم من الدين بالضرورة؟! ".

ففي الدين ثوابت لا تخضع للتغيير، وأمور سكت عنها الشرع تركت لاجتهاد أهل العلم في كل زمان ومكان، يسعنا فيها الخلاف طالما وسع سلفنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير