فالسفه والجهل مسيطران عليها، وإن حدَّثت بحديث، تظهر من الجهلات أشكالاً وألواناً، وتدع الدين جانباً، وأنا في الحقيقة قابلت أخوات كثيرات من هذا النوع، حيث أنكِ تبغينَ ملازمتها لما يبدو عليها من أمارات التزام!! ولكن ما إن أجالسها وأحادثها، وإذ بي أفاجئ أنها عكس ما ظننت، فكل أحاديثها في المنشد الفلاني ماآخر إصداراته، والمنشد الفلاني متى سيقيم مهرجانه القادم، فتتصل بفلانة وفلانة لتخبرهن بمكان المهرجان وموعده وتبدأ تنسق الرسائل وتكتبها باسم الدعوة والأخوة في الله، لترسلها لأخواتها ليحضرن هذه المحافل التي تعُجُّ بالفساد والمنكرات، معتقدةً أنها بصنيعها هذا ستنصر الدين والأمة، وستفتح بيت المقدس من جديد!!
وإن أخبرتُ عن معاناتي مع بعض الأخوات أسأل الله أن يهيدهن، لعجبتنَّ لما سأقول:
فوالله لا تكاد تجلس إحداهن إلا وتذكر أنشودة فلان، ومهرجان فلان، وموقع فلان .. وكأنه لا يوجد غير فلان هذا الساقط الذي يعبث بالعقول، ويستهوي الناس باسم الدين والدعوة؟!! وإن ذكرتُ لها اسم عالم أو شيخ، أعرضت بوجهها ونأت، وكأنها تقول: هؤلاء أناس متعصبون متشددون، كل همهم العلم، وليس لهم بالواقع، وأذكر مرةً أني سمعتُ على أحد القنوات التي لقيت رواجاً عند الناس، ساعة الأحداث الآثمة على قطاع غزة، كان المذيع الجويهل المسكين يقول: أين العلماء؟؟!! أين أنتم؟، هبوا لنصرة إخوانكم، كفاكم خوضا في مسائل الحيض والنفاس، كفاكم خوضاً في فقه الطلاق، نحن نريد منكم الحديث في فقه الجهاد فليس وقت الحيض ولا النفاس الآن ... كفاكم كفاكم!! وما إلى ذلك من كلمات جارحةٍ قادحة في أهل العلم وورثة الأنبياء. أسأل الله أن يسلمنا وإياكم من هذا! وأن يرزقنا تبجيل العلماء الصادقينَ وتوقيرهم ..
فمثل هذا النوع من الناس وأقولها بصدقٍ ووضوح: لا أطيقُ مجالستهم، ولا أرغب بالحديث معهم؛ فكم وكم ننصح أخوات وقريبات بالابتعاد عن هذا، لكنها تقابل كلامك بالسخرية والاستهزاء، وجُلُّ نقاشاتهن تنتهي بـ (لا نتيجة) كلام تمنطقه بنفسها، ومن أول النقاش لآخره وهي فقه واقع، أين فقه الواقع .. ؟! هدانا الله وإياهن ..
أما النوع الآخر هي من تتصف بالأخلاق السيئة ظاهرا وباطناً، فلاتحفظ أمانةً، ولا تحفظ سراً، ناهيكِ كذلك عن طباعها الثخينة الباردة، فهذه لاشك الحلم عنها في راحة ومسرة، وفي مصاحبتها ندمٌ وحسرة، والإقرار بقليل ماجاءت به إقرارٌ بالكثير، فنسأل الله أن يجنبنا هذا النوع .. !
إذا المرء لم يحفظ ثلاثاً**** فبعه ولو بكفٍ من رماد.
وفاء للصديق وبذل مالٍ**** وكتمان السرائر في الفؤاد.
فأرى أن الأخوة إذا لم تكن مبينية على التعاون والألفة والمحبة في الله (فيرد كل طرف ماجاء في الكتاب والسنة وقول السلف وأهل العلم)، فلا شكَّ أنَّها ليست ما أرادَ إسلامنا، وليست هذه الأخوة المنشودة، ولو أنَّ إنسانة ليس لكلام السلف وأهل العلم عندها مكان، فهذه لو ظلَّت تلومني من هذه الساعة إلى أن أدخل اللحد، لن يؤثر فيَّ لومها، لأنها هي من دفعتني للإعراض عنها ومجانبتها، بل أنكرت حقَّ ربها ونبيها، كما أنها أنكرت حق أختها عليها فهذا لا أرى مسوغاً للومها وعتابها؟.!!
لي صديقةٌ ترى حقوقي عليها ... نافلات وحقها كان فرضا
لو قطعت الجبال طولاً إليها ... ثم من بعد طولها سرت عرضا
لرأت ما صنعت غير كبير ... واشتهت أن أزيدَ في الأرضِ أرضا
فإن أثقلت كاهلي بالعتاب واللوم، فحينها سأقول لها:
أقلي عليَّ اللومَ ياابنة منذرٍ ... ونامي وإن لم تشتهي النوم فاسهري!
.. أما إن كانت الأخت عكس هذا كله:
فبالنسبة لي أرى أنها تستحقُّ أن أضعها على رأسي وفي عيني لأنها الأخت والخليلة التي أوصى رسول الله بملازمتها ومصاحبتها، لطيب أخلاقها وطباعها، ولما لحقني من خير حين لا زمتها وطلبت صحبتها، فهي تذكرني بالأخرة، وتبث فيَّ العزيمة وترشدني للصواب، كما أنها سليمةَ الفكر، طيبة المعاملة، فهذه سأحبها أكثر من حبي لأهلي وأقربائي
ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[03 - 11 - 09, 09:02 م]ـ
¥