عن علي - رضي الله عنه - قال {كنت رجلاً مذاءً (أي كثير المذي) وكنت أستحيي أن أسألَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته} لأن علياً كان زوج فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه مسألة تتعلق بالحياة الزوجية والمعاشرة ومن الأدب ألا يذكر الصهرُ ما يكون بينه وبين امرأته بحضرةِ أبيها وأخيها وأهلها هذا خلاف الأدب، فمِن حياء الإمام علي - رضي الله عنه - أنه لما كان يشتكي من المذي استحيى أن يسأل هو بنفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال {فأمرت المقداد بن الأسود فسأله (وهذا فيه دليل على جواز الوكالة في السؤال ولا سِيَّما مما يستحيي صاحب الشأنِ من السؤال عنه بنفسه)
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: يغسل ذكره ويتوضأ}، فلما أمره بغسل ذكره دل على أن هذا المذي نجس كالبول يجب غسل الذكر منه ويتوضأ. فهو إذا ناقض من نواقض الوضوء.
وأما الودي: فهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول.
، وهذا الودي قد يخرج لمرضٍ في الإنسان أو برد، وهو نجس يوجب الوضوء ولا يوجب الغسل.
عن بن عباس رضي الله عنهما قال {المَنِيُّ والوديُ والمذيُ، أما المني فهو الذي منه الغسل، وأما الودي والمذي فقال – يعني النبي صلى الله عليه وسلم – اغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك للصلاة}
5 - رَوْثُ ما لا يؤكل لحمه:
البهائم نوعان::
- ما يؤكل لحمه (كالأنعام الثمانية ... الإبل والبقر والغنم بجنسيها)
- وما لا يؤكل لحمه
فما يؤكل لحمه، روثه و بوله طاهران، إذا أصاب شيءٌ منها البدن أو الثوب لا يجب غسله وإن كان يغسل تنظيفاً فقط، لكن لا يبطل الصلاة.
لكن روث ما لا يؤكل لحمه (كروثة الحمار مثلا) فهذه نجسة.
والدليل حديث عبد الله بن مسعود قال {أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يَتَبَرَّز -فقال ائتني بثلاثة أحجار، قال: فوجدت له حجرين وروثة حمار، فأمسك الحجرين وطرح الروثة وقال: هي رجس.)}
فمن الأعيان النجسة روث ما لا يؤكل لحمه.
6 - دم الحَيْضِ:
دم الحيض نجس،إذا أصاب بدنَ المرأة أو ثوبها يجبُ غسل ما أصابه:
عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت {جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دمِ الحيض كيف تصنع؟ قال تَحُتُّهُ ثم تقرصُه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه}، فدم الحيض نجس وتجب المبالغة في إزالته من الثوب لقوله عليه الصلاة والسلام (تحتُّه ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه بالماء ثم تصلي به)
7 - لعاب الكلب:لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال {قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طُهورُ إناءِ أحدِكم إذا ولغ فيه الكلبُ أن يغسِله سَبْع مرات أولاهُنَّ بالتراب.)}
إذا ولغ الكلبُ في الإناء صار هذا الإناء وما فيه نجساً وصفة تطهير هذا الإناء من ولوغ الكلب أن يُغسل سبع مرات أولاهن بالتراب.
8 - الميتة:
والمراد بالميتة: الحيوان الذي مات من غير ذكاة شرعية، والذكاة هي الذبح:
الحيوان إذا مات بالذبح طاهر ولذلك يؤكل، أما الحيوان إذا مات من غير ذبح فهو نجس، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - {إذا دُبِغَ الإهابُ فقد طهر} والإهاب: جلد الميتة
فإذا سلخت الميتة وأخذ جلدها ودبغ، صار هذا الإهاب طاهراً.
ويستثنى من ذلك:
أ_ ميتة السمك والجراد
فالسمك الميت والجراد الميت طاهران وليس نجسين، وذلك لحديث بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – " أُحِلَّت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال)
ب_ ميتة ما لا دم له سائل:"
كالذباب والنمل والنحل، فالميت من الذباب والنمل والنحل طاهر وليس نجساً
ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى عليه وسلم – قال " إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في إحدى جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً "
وهذا حديث صحيح.
ج _ عظمه الميتة، وقرنها، وظفرها، وشعرها، وريشها، فكل هذه الأشياء من الحيوان الميت طاهرة، وذلك وقوفاً على الأصل الذي ذكرناه في الدرس السابق أن (الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة)
ولما رواه البخاري تعليقاً قال: وقال الزهري في عظام الموتى في نحو الفيل وغيره " أدركت ناساً من سلف العلماء يمتشطون بها أي بعظام الميتة ويدهنون فيها لا يرون به بأساً "
وقال حماد: لا بأس بريش الميتة.
فهذه هي الأعيان النجسة التي قام الدليل على نجاستها، وما سوى ذلك فنحن نقول بطهارته عملاً بالأصل كما اتفقنا.
ملحق:
مسألة هامة تخص النساء:
حكم الرطوبات التى تخرج من فرج المرأة.
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
1_من قال بأنها نجسة وتنقض الوضوء.
2_ من قال بأنها طاهرة وتنقض الوضوء.
3_من قال بأنها طاهرة ولا تنقض الوضوء.
والقول الأخير هو ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، لعدم ثبوت دليل يفيد نجاستها أو نقضها للوضوء.
لأنه كما أسلفنا: الأصل في الأعيان الطهارة فيستصحب هذا الأصل ولا ينقض هنا إلا بدليل.
والله أعلم.
¥