أما طهارة الخبث فليس فيها تيمم، سواء كان على البدن، أو على الثوب، أو على البقعة، لأن المقصود من التطهر من الخبث إزالة هذه العين الخبيثة، وليس التعبد فيها شرطاً، ولهذا لو زالت هذه العين الخبيثة بغير قصد من الإنسان طهر المحل. فلو نزل المطر على مكان نجس، أو على ثوب نجس، وزالت النجاسة بما نزل من المطر، فإن المحل يطهر بذلك، وإن كان الإنسان ليس عنده علم بهذا، بخلاف طهارة الحدث، فإنها عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل، فلابد فيها من النية والقصد.
فإذا كان على الإنسان نجاسة وهو لا يستطيع إزالتها فإنه يصلي بحسب حاله لكن يخففها ما أمكن بالحك وما أشبه ذلك، وإذا كانت مثلاُ في ثوب يمكنه خلعه ويستتر بغيره، وجب عليه أن يخلعه ويستتر بغيره.
وفيما يلي ما جاء به الشرع في صفة تطهير الأعيان النجسة أو المتنجسة:
أولا: عرفنا أن الميتة نجسة فهل يمكن الانتفاع بجلد الميتة (وهو نجس)؟
هل يمكن أن تسلخ الميتة ويؤخذ جلدها ويستعمل في الصناعات الحلدية؟
نعم .. يمكن تطهير جلد الميتة، الحيوان الذي مات حتف أنفه من غير ذكاة شرعية نجس كما اتفقنا ولكن يمكن أن يُسلخ جلده ويطهر.
كيف يطهر جلد الميتة؟
عن بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول " أيما إهاب دبغ فقد طهر" الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2923خلاصة الدرجة: صحيح
وقد عرفنا أن الإهاب هو جلد الميتة " أيما إهاب دبغ فقد طهر"
والدبغ يعرفه الجلادون والجزارون وغيرهم من أرباب الصناعات الجلدية، ويعرفه العامة من الفلاحين إذا ذبحوا الخروف أو غيره سلخوا جلده وفردوه في الشمس ووضعوا عليه شيئاً من الملح وشيئاً من الشبة وغير ذلك وتركوه في الشمس حتى يجف تماما، فالملح يسحب الرطوبة التي في الجلد فلا يعود إليه العفن مرة ثانية، فإذا دبغ الإهاب فقد طهر.
فجلد الميتة بعد دبغه يصير طاهراً إذا صنع منه الحذاء يُلبس، وإذا صنع منه المعطف (معطف الجلد) يُلبس ويصلى فيه لأنه بعد الدباغ صار طاهراً.
ثانيا: تطهير الإناء إذا ولغ فيه الكلب:
لقد عرفنا أن من الأعيان النجسة لعاب الكلب، فإذا ولغ الكلب في الإناء كيف يطهر هذا الإناء؟
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " طهور إناء أحدكم، إذا ولغ الكلب فيه، أن يغسله سبع مرات"
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 279
خلاصة الدرجة: صحيح
إذا ولغ الكلب في أي إناء فيه ماء أو طعام أو كذا، يُراق ما في هذا الإناء من الشراب أو الطعام، ثم يطهرالإناء من لعاب الكلب بأن يُغسل سبع مرات أولاهن بالتراب:
يصب الماء على الإناء ويوضع فيه التراب ويدلك دلكاُ شديداُ ثم تأتي الغسلة الثانية فتذهب بالتراب الذي وضع في الغسلة الأولى ثم تكمل السبع مرات
هذه هي صفة تطهير الإناء من ولوغ الكلب.
فإذا قال قائل: إذا لحس الكلب بلسانه ثوبي؟
إنسان يمشي في الشارع كان بجواره كلب لحس ثوبه فكيف يطهر هذا الثوب؟ هل يطهره كما يطهر الإناء؟
لا ... هذه الصفة (سبع مرات أولاهن بالتراب) خاصة بتطهير الإناء إذا ولغ فيه الكلب لكن إذا لحس الكلب بلسانه أي شيء من الثياب فإنه يطهر بالغسل فقط مرة أو مرتين ولا يلزم فيه التراب ولا يلزم فيه السبع مرات.
وإذا كنت تسير في الشارع فمر بجوارك كلب فحك جسمه بثيابك ولم يمسك بلسانه وفمه؟
فإن الأصل أن شعر الكلب طاهر فلا يضرك ذلك إن شاء الله تعالى.
ثالثا: تطهير الثوب إذا أصابه دم حيض:
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع؟ فقال: (تحتّه ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه ثم تصلي فيه))
إذا أرادت المرأة أن تصلي في ثوب أصابه دم الحيض، فقد أرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى حتِّه وقرصه ونضحه
وإن بقي بعد ذلك أثره فلا بأس ولا حرج عليها أن تصلي فيه.
¥